أضف إلى ذلك أنّ مضامين كثير منها ليست هي التحريف بل هي تفسير للآيات أو تأويل لها أو أظهر الأفراد وأكملها أو ما كان مرادا بخصوصه وبالنصّ عليه في ضمن العموم عند التّنزيل أو ما كان هو المورد للنزول أو ما كان هو المراد من اللّفظ المبهم وعلى أحد الوجوه الثّلاثة الأخيرة يحمل ما ورد بعنوان التنزيل أو نزل به جبرئيل.
كما أنّه ربّما يكون المراد من التحريف هو التحريف المعنوي وعليه يحمل ما ورد في المراد من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده.
قال السيّد المحقّق البروجردي قدسسره : وأنّ الأخبار الواردة في التحريف فهي وإن كانت كثيرة من قبل الفريقين ولكنّه يظهر للمتتبع أنّ أكثرها بحيث يقرب ثلثيها مروية عن كتاب أحمد بن محمّد السّياري من كتاب آل طاهر وضعف مذهبه وفساد عقيدته معلوم عند من كان مطّلعا على أحوال الرجال.
وكثير منها يقرب الرّبع مروي عن تفسير فرات بن إبراهيم وهو أيضا مثل السّياري في فساد العقيدة.
هذا مع أنّ أكثرها محذوف الواسطة أو مبهما وكثير منها معلوم الكذب مثل ما ورد من كون اسم على عليهالسلام مصرّحا به في آية التبليغ وغيرها إذ لو كان مصرّحا به لكان يحتجّ به على عليهالسلام في احتجاجاته مع غيره في باب الإمامة إلى أن قال وبالجملة فوقوع التحريف ممّا لا يمكن الالتزام به.
وثالثا : بأنّ الآيات والرّوايات الدالة على مصونية القرآن عن التحريف والتغيير والتبديل وعروض الباطل تعارض الأخبار الدالّة على التحريف :
منها قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) بتقريب أنّ الآية الكريمة تدلّ مع التأكيدات المتعدّدة على أنّ الأيادي الجائرة لن تتمكّن من تحريف الذكر وهو القرآن كما يدلّ عليه الآية السّابقة : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) ومن المعلوم أنّ المراد من الذكر في الآية السابقة هو القرآن وبهذه القرينة يكون المراد من الذّكر في آية الحفظ أيضا هو القرآن كما لا يخفى.