خاصّة لا يساعده التحقيق. ولعلّ الوجه في إنكار حجيّة قول اللغوي مطلقا هو ملاحظه المفردات وأنّ معانيها مختلفة وحيث إنّ اللغوي لم يعيّن الحقيقة عن المجاز لا يحصل العلم بظهور اللفظ في أيّ معنى من معانيه ولكن مقتضى الإمعان أنّ اللغوي ذكر في أكثر الموارد القرائن العامّة للمعاني مثل كلمة عنه وفيه بعد كلمة رغب ومع ملاحظة القرائن العامّة صار اللفظ المفرد في التركيب ظاهر المعنى ولا حاجة إلى معرفة الحقيقة والمجاز وأنّ ايّهما سابق أو لاحق بل اللازم هو إحراز الظهور للكلمة عند الصدور وهو حاصل بإخبار اللغوى الماهر.
ولذا ذكر أهل اللغة تفاوت المعاني باختلاف أبواب الأفعال واللزوم والتعدي والمجرد والمزيد فيه مثلا قالوا في كلمة «عرف» بضم الراء أي أكثر الطيب و«عرف» بكسر الراء أي ترك الطيب و«عرفه» بفتح الراء والتعدّي أي علمه بحاسّة من الحواس الخمس فهو عارف و«عرّفه الأمر» بفتح الراء وتشديده أي أعلمه إيّاه و«أعرف فلان فلانا» من باب الافعال أي وقّفه على ذنبه ثم عفا عنه وغير ذلك من الموارد ومن المعلوم أنّ المعاني في هذه الموارد ونظائرها ظاهرة ولا إجمال فيها. نعم إنّا لا ننكر الإجمال في بعض الموارد ولكن ذلك لا يوجب إسقاط قول اللغوي عن الحجيّة في الموارد الظاهرة والعجب أنّ المنكرين أخذوا بأقوال اللغويين في المعاني الظاهرة بارتكازهم ومع ذلك أنكروا حجيّة قول اللغوى ودعوى حصول القطع بكون اللفظ ظاهرا في المعنى عند المراجعة وعليه فهم اعتمدوا على قطعهم لا على قول اللغويين كما ترى ويخالفه الوجدان.
فتحصّل أنّ ما ذهب إليه صاحب الوقاية من حجّية قول اللغوى في تعيين المعاني الظاهرة مما لا مجال لإنكاره وإن كان ذهابه إلى أنّ اللغوى خبرة لتشخيص موارد الحقيقة عن المجاز محل تأمل لعدم وضوح ذلك في اكثر كتب اللغة. نعم من اطمأن بذلك بالنسبة إلى كتاب لغة من اللغات فلا مانع من الاعتماد عليه أيضا من باب أنّه خبرة ذلك فلا تغفل.
قال سيدنا الأستاذ المحقق الداماد في محكي كلامه أقول التحقيق الذى يساعده النظر الدقيق حجيّة قول اللغوى وبيانه يستدعى رسم مقدمتين الأولى استقرار بناء العقلاء على