الرجوع إلى أهل الخبرة من كل صنعة مطلقا ولو لم يحصل من قوله الاطمئنان بإصابة رأيه للواقع نعم لا بدّ من حصول الاطمئنان بأنّ ما يخبر به مطابق لرأيه والدليل على ذلك ما يرى من استشهادهم في مقام الاحتجاج والمخاصمة واللجاج بقوله إلى أن قال الثانية إنّ اللغوى خبير بالاوضاع وليس خبرويته مخصوصة بمجرد موارد الاستعمالات وذلك لأنّه إذا راجع كلمات العرف وأهل المحاورة ربّما يحصل له العلم.
بأنّ اللفظ الكذائى يتبادر منه عند أهل العرف المعنى الكذائى بلا قرينة وإلى أن قال فإذا قال إنّ اللفظ الفلاني موضوع للمعنى الفلاني أو أخبر بهذا التبادر فقال المتبادر عند أهل اللسان من هذا اللفظ هذا المعنى كان ذلك بمنزلة ما لو علمت بنفسك لتبادر وبالجملة اللغوي المتتبع في موارد الاستعمالات كثيرا ما يحصل له العلم بأنّ هذا اللفظ يتبادر منه هذا المعنى بلا قرينة وبذلك يستكشف وضعه له وكونه حقيقة فيه ويصير خبيرا بذلك إذا جدّ جهده وبالغ سعيه واستفرغ وسعه فكيف القول بأنّه ليس خبيرا بالأوضاع وإذا ثبت كونه خبيرا كان قوله حجة من باب حجيّة قول أهل الخبرة إلى أن قال ويمكن إثبات حجية قوله بطريق آخر إلى أن قال أى الاخذ بإخباره بإدخال قوله في خبر الواحد الموثوق به بضميمة أصالة عدم الغفلة (١)
وربّما يشكل الرجوع إلى أهل اللغة من باب الخبروية من جهة أنّ الرجوع إلى أهل الخبرة إنّما هو في الامور الحدسية التي تحتاج إلى إعمال النظر والرأي لا في الامور الحسّية التي لا دخل للنظر والرأي فيها وتعيين معاني الألفاظ من قبيل الامور الحسيّة لأنّ اللغوي ينقلها على ما وجده في الاستعمالات والمحاورات وليس له إعمال النظر والرأي فيها فيكون إخبار اللغوي عن معاني الألفاظ داخلا في الشهادة المعتبرة فيها العدالة بل التعدد في مورد القضاء وأمّا في غيره ففي اعتباره خلاف مذكور في محله. (٢)
__________________
(١) المحاضرات ٢ / ١٠٧ ـ ١٠٩.
(٢) مصباح الاصول : ٢ / ١٣١.