قال : نعم ، لقيته وما لقيتُ أحداً أفضل منه ، والله ما علمتُ له صديقاً في السرّ ولا عدوّاً في العلانية ، فقيل له : وكيف ذلك ؟
قال : لأنّي لم أر أحداً وإن كان يحبّه إلاّ وهو لشدّة معرفته بفضله يحسده ، ولا رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلاّ وهو لشدّة مداراته له يداريه (١) .
[ ٤١٢ / ٥ ] وبهذا الإسناد عن سفيان بن عيينة ، قال : رأى الزهري عليّ ابن الحسين عليهالسلام ليلة باردة مطيرة وعلى ظهره دقيق وحطب ، وهو يمشي ، فقال له : يابن رسول الله ، ما هذا ؟
قال : «أُريد سفراً أعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريز».
فقال الزهري : فهذا غلامي يحمله عنك ، فأبى.
قال : أنا أحمله عنك ، فإنّي أرفعك عن حمله.
فقال عليّ بن الحسين : «لكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجّيني في سفري ، ويحسن ورودي على ما أرد عليه ، أسألك بحقّ الله لمّا مضيت لحاجتك (٢) وتركتني» ، فانصرف (٣) عنه ، فلمّا كان بعد أيّام قلت له : يابن رسول الله ، لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثراً.
قال : «بلى يا زهري ، ليس ما ظننت (٤) ولكنّه الموت ، وله كنت أستعدّ ، إنّما الاستعداد للموت تجنّب الحرام ، وبذل الندى والخير» (٥) .
__________________
(١) ورد ذلك في تفسير الإمام الحسن العسكري : ٣٥٥ / ٢٤٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٤ / ٢١.
(٢) في «ج ، ل» : بحاجتك ، وفي هامشهما عن نسخة : لحاجتك .
(٣) في المطبوع : فانصرفت.
(٤) في المطبوع : ظننته.
(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٦ : ٦٥ / ٢٧