لأنّ مأخذ التخيير إن كان هو العقل الحاكم بأنّ عدم إمكان الجمع في العمل لا يوجب إلّا طرح البعض ، فهو لا يستقلّ بالتخيير في المأخوذ والمطروح إلّا بعد عدم مزيّة في أحدهما اعتبرها الشارع في العمل ، والحكم بعدمها لا يمكن إلّا بعد القطع بالعدم أو الظنّ المعتبر.
____________________________________
وأمّا كونه مقدّمة للترجيح ، فغير ظاهر الوجه ؛ لأنّ وجوب الفحص مبني على وجوب الترجيح ، فالبحث عن وجوب الفحص عنه متأخّر عن البحث عن وجوب الترجيح لا مقدّمة عليه ، ولعلّه نظر إلى تقدّم نفس الفحص على الترجيح وإن تأخّر وجوبه عن وجوبه كما في الأوثق ، قال الاستاذ الاعتمادي ، ما هذا نصّه : وهاهنا مقامان :
أحدهما : وجوب الفحص وعدمه.
ثانيهما : مقدار الفحص.
وحيث إنّ أدلّة المقامين متّحدة لم يجعل كلّا منهما عنوانا على حدة ، بل جعل عنوانه وجوب الفحص التام ، والمراد به حصول الاطمئنان بعدم المرجّح دون القطع ؛ لأنّه مضافا إلى عدم إمكانه غالبا يوجب سدّ باب الاستنباط في سائر المسائل ، كما قيل ذلك في جميع موارد وجوب الفحص ، ثمّ أشار إلى الدليل الأوّل على وجوب الفحص بقوله :
لأنّ مأخذ التخيير إن كان هو العقل الحاكم بأنّ عدم إمكان الجمع في العمل لا يوجب إلّا طرح البعض ، فهو لا يستقلّ بالتخيير في المأخوذ والمطروح إلّا بعد عدم مزيّة في أحدهما اعتبرها الشارع في العمل ، والحكم بعدمها لا يمكن إلّا بعد القطع بالعدم أو الظنّ المعتبر بعدم المرجّح.
ومن المعلوم أنّ القطع بعدم المرجّح أو الظنّ المعتبر به لا يحصل إلّا بالفحص ، فلا يحكم العقل بالتخيير إلّا بعد الفحص عن المرجّح الموجب للقطع أو الظنّ بعدمه ، هذا أمر واضح لا يحتاج إلى البيان.
إنّما الكلام فيما هو المراد من التخيير العقلي في المقام ، هل المراد به ما هو مقتضى القاعدة الأوّلية ، كما هو مذهب البعض؟ بزعم أنّ دليل الحجيّة شامل للمتعارضين ، فإذا لم يمكن العمل بكليهما لا بدّ من العمل بأحدهما أخذا بالممكن ، إلّا أنّك عرفت عدم تماميّة التخيير بناء على حجيّة الأمارات من باب الطريقيّة ، كما هو الحقّ عند المصنف قدسسره.
فيكون المراد من التخيير العقلي هو التخيير على تقدير عدم الأصل الموافق لأحد