القضاة ، أيحلّ ذلك؟.
قال عليهالسلام : (من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطّاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذه سحتا وإن كان حقّه ثابتا ، لأنّه أخذ بحكم الطاغوت ، وإنّما أمر لله أن يكفر به ، قال الله تعالى : (أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(١).
قلت : فكيف يصنعان؟ قال : (ينظران إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكما.
____________________________________
مسكوك فتلف عنده ، فادّعى المعير أنّه ضامن مديون وادّعى المستعير عدمه والفرض تعارض الخبرين.
وكما إذا ادّعى الولد الأكبر أنّ كتب أبيه حبوة تعطى له مجانا وادّعى الآخر أنّه ليس حبوة فينقسم ، والفرض تعارض الخبرين ، والظاهر في مورد الرواية هو إرادة السائل المنازعة بنحو الشبهة الحكميّة ؛ لأنّ تعارض الخبرين يتصوّر في الأحكام.
(فتحاكما إلى السلطان) الجائر (أو إلى القضاة) من قبل الجائر ، (أ يحلّ ذلك؟ قال عليهالسلام : (من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطّاغوت) ، أي : الشيطان ، (وما يحكم له) ، أي : المال الذي حكم لنفعه (فإنّما يأخذه سحتا) ، أي : حراما (وإن كان حقّه ثابتا ، لأنّه أخذ بحكم الطاغوت ، وإنّما أمر الله أن يكفر به) ، أي : بالطاغوت ، بأن يتبرّأ منه.
قال التنكابني : ويستثنى منه ما إذا توقف التوصّل إلى الحقّ على التحاكم إليهم أو إذا كان في مقام التقيّة وغير ذلك من الأعذار المجوّزة. انتهى مورد الحاجة. ثمّ يلحق بهم من ليس له أهليّة القضاء ، لعدم جامعيّته للشرائط ولو كان من الشيعة الاثني عشرية.
(قلت : فكيف يصنعان؟ قال : (ينظران إلى من كان منكم) ، أي : يتحاكمان إلى رجل كان من الإماميّة ، وكان (ممّن قد روى حديثنا) ، هذا بالنظر إلى أزمنة ظهور الإمام عليهالسلام ظاهر ، فإنّ المرجع في الحلال والحرام في أزمنتهم كان من رواة الأحاديث لا محالة وإن كان له ملكة الاستنباط والقدرة على ردّ الفروع إلى الاصول. ولكنّ المجتهدين في أزمنة الغيبة ـ أيضا ـ لا ينفكّون عن نقل الرواية ، فهم ـ أيضا ـ من الرواة ، كما في التنكابني مع الاختصار.
__________________
(١) النساء : ٦٠.