مع أنّا نمنع أنّ عمل المشهور على تقديم الخبر المشهور رواية على غيره إذا كان الغير أصحّ منه من حيث صفات الراوي ، خصوصا صفة الأفقهيّة.
ويمكن أن يقال : إنّ السؤال لمّا كان عن الحكمين ، كان الترجيح فيهما من حيث الصفات ، فقال عليهالسلام : (الحكم ما حكم به أعدلهما) (١) إلى آخره ، مع أنّ السائل ذكر : «أنّهما اختلفا في
____________________________________
الترجيح بشهرة الرواية وهي حاصلة في المقبولة.
وفيه : أنّه على تقدير تسليم شمول أخبار علاج التعارض لتعارض أنفسها ولو بتنقيح المناط لا يمكن دلالة المرفوعة على تقديم المقبولة عليها ، لأنّها حينئذ تبطل حكم نفسها ، أي : يلزم من العمل بها عدم العمل بها ، لأنّها إذا دلّت على العمل بالمقبولة لشهرتها رواية ، فيحكم بتقديم الترجيح بالصفات وهو خلاف مقتضى المرفوعة ، ومن المعلوم أنّ ما يلزم من وجوده عدمه باطل ، كما لا يخفى.
مع أنّا نمنع أنّ عمل المشهور على تقديم المشهور رواية على غيره إذا كان الغير أصحّ منه من حيث صفات الراوي.
غرض المصنف قدسسره على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّ ما ذكرناه أوّلا من أنّ المقبولة مرجوحة من جهة مخالفتها لعمل الأصحاب ممنوع ، لما مرّ مفصّلا من أنّه إذا تعارض المشهور مع الشاذّ فإن تساويا في صفات الراوي أو كان بين رواة المشهور والواسطة على تقدير وجودها من هو أفضل من راوي الشاذّ والواسطة على تقدير وجودها ، فيقدم المشهور بلا شبهة.
وأمّا إذا كان راوي الشاذّ والواسطة أفضل من نقلة المشهور والواسطة ، فنمنع حينئذ تقديم الأصحاب الترجيح بالشهرة على الترجيح بالصفات ، فنحكم بالعكس ، أي : تقديم الترجيح بالصفات عملا بالمقبولة لرجحانها من حيث الشهرة رواية ، خصوصا صفة الأفقهيّة لكشف اختياره إيّاها مع فقهه عن اطّلاعه على قدح في الرواية المشهورة.
ويمكن أن يقال : بأنّه لا تعارض بين الخبرين أصلا.
بيان ذلك ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي : إنّ السؤال لمّا كان عن الحكمين ، كان
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.