الثاني : إنّ الحديث الثامن ـ وهو رواية الاحتجاج عن سماعة (١) ـ يدلّ على وجوب التوقف أوّلا.
____________________________________
الإشكال المتقدّم ، أعني : تعدّد الحاكم بالتوجيه الثاني أو الثالث أو الرابع ، دون الأوّل كما لا يخفى.
قال التنكابني في ذيل قوله : ويمكن التفصّي عنه بمنع جريان هذا الحكم ... إلى آخره ما هذا لفظه : إذ لا معنى لجريان الحكم المذكور من وكول أمر تعيين محضر الحاكمين المتساويين إلى المدّعي وعدم اعتبار رضاء المنكر أصلا في قاضي التحكيم ؛ لأنّ المراد من قاضي التحكيم ما تراضى الخصمان على الرجوع إليه ، مع عدم نصبه للقضاء من جانب الإمام عليهالسلام لا خصوصا ولا عموما بشرط أهليّته للقضاء واجتماع جميع الشرائط فيه سوى النصب ، ولا يخفى أنّ حمل الرواية على قاضي التحكيم غير ممكن ؛ لأنّ القضاة قد نصّبت بالمقبولة المزبورة فليس هناك بعد ذلك قاضي تحكيم أصلا.
مع أنّ قاضي التحكيم وغيره سواء في جميع الأحكام والشرائط سوى النصب ، فلا يجوز تعدّده ولا نقض حكمه وغير ذلك ، فلا ترتفع الإشكالات السابقة بالحمل على قاضي التحكيم ، إلّا أن يقال : إنّ مقصود المصنف قدسسره ليس دفع جميع الإشكالات السابقة أيضا ، بل دفع هذا الإشكال فقط.
وقد ذكر شيخنا قدسسره أيضا عدم إمكان حمل الرواية على قاضي التحكيم ؛ لما ذكر من دلالة الرواية على نصب جميع من اجتمع فيه شرائط الحكومة من الإيمان ومعرفة الأحكام وغيرهما. انتهى مورد الحاجة وتركنا ذيله تجنبا عن التطويل. هذا تمام الكلام في الموضع الأوّل.
الثاني ، أي : الموضوع الثاني في علاج تعارض الحديث الثامن مع سائر الأخبار ، حيث إنّ الحديث الثامن ، وهو رواية الاحتجاج عن سماعة.
قال : قال الإمام عليهالسلام : لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأل. قلت : لا بدّ أن نعمل بواحد منهما. قال : خذ بما خالف العامّة.
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٢٦٥. الوسائل ٢٧ : ١٢٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤٢.