ثمّ مع عدم إمكانه يرجع إلى الترجيح بموافقة العامّة ومخالفتهم.
وأخبار التوقف ـ على ما عرفت وستعرف ـ محمولة على صورة التمكّن من العلم.
فتدلّ الرواية على أنّ الترجيح بمخالفة العامّة ، بل غيرها من المرجّحات إنّما يرجع إليها بعد العجز عن تحصيل العلم في الواقعة بالرجوع إلى الإمام عليهالسلام ، كما ذهب إليه بعض ، وهذا خلاف ظاهر الأخبار الآمرة بالرجوع إلى المرجّحات ابتداء بقول مطلق ، بل بعضها صريح في ذلك حتى مع التمكّن من العلم ، كالمقبولة الآمرة بالرجوع إلى المرجّحات ثمّ بالإرجاء حتى يلقى الإمام ، فيكون وجوب الرجوع إلى الإمام بعد فقد المرجّحات.
____________________________________
يدلّ على وجوب التوقف أوّلا ، بمعنى عدم الأخذ بهما أصلا ، ثمّ مع عدم إمكانه ، أي : التوقف وترك الأخذ بأحدهما لكون الواقعة محلّا للابتلاء بالفور يرجع إلى الترجيح بموافقة العامّة ومخالفتهم.
وحاصل الكلام ـ في تقريب التعارض بين الحديث الثامن الدالّ على التوقف ابتداء وبين الأخبار الآمرة بالرجوع إلى المرجّحات ابتداء ـ أنّ الحديث الثامن يدلّ على تقدّم التوقف على الترجيح واختصاص الرجوع إلى المرجّحات بصورة عدم التمكّن من العلم في الواقعة بالرجوع إلى الإمام عليهالسلام.
غاية الأمر اختصاص الترجيح بمخالفة العامّة ـ بعد العجز عن تحصيل العلم ـ مذكور في الرواية ، واختصاص سائر المرجّحات المستفادة من أخبار التراجيح بذلك يثبت بعدم القول بالفصل بين المرجّحات ، فيقع التعارض بينها وبين الأخبار الآمرة بالرجوع إلى المرجّحات ابتداء بقول مطلق ، أي : من دون تقييد بالعجز عن تحصيل العلم ، بل بعضها صريح في جواز الرجوع إلى المرجّحات ابتداء.
حتى مع التمكّن من العلم ، كالمقبولة الآمرة بالرجوع إلى المرجّحات ثمّ بالإرجاء حتى يلقى الإمام عليهالسلام ، فيكون وجوب الرجوع إلى الإمام عليهالسلام بعد فقد المرجّحات.
وحاصل ما هو المقصود أنّ ظاهر رواية الاحتجاج هو تقدّم تحصيل العلم مع التمكّن ، فإن عجز عنه إمّا لتعذّر تأخير الواقعة إلى زمن الوصول إلى الإمام عليهالسلام ، أو لتعذّر الوصول إليه عليهالسلام وجب الرجوع إلى المرجّحات وسائر الأخبار ، وصريح المقبولة جواز الرجوع إلى المرجّحات ابتداء ، وإن تمكّن من تحصيل العلم فيحصل التعارض بينهما.