وجهان من أنّ النسخ من جهات التصرّف [في الظاهر] ، لأنّه من قبيل تخصيص الأزمان ، ولذا ذكروه في تعارض الأحوال ، وقد مرّ وسيجيء تقديم الجمع بهذا النحو على الترجيحات الأخر ، ومن أنّ النسخ على فرض ثبوته في غاية القلّة ، فلا يعتنى
____________________________________
وهو بيان انتهاء الحكم ـ لا يقع إلّا في زمان الرسول صلىاللهعليهوآله.
ويحتمل عمومه بحديثين أحدهما عن الرسول صلىاللهعليهوآله والآخر عن الإمام عليهالسلام نفسه ؛ وذلك لأنّ النسخ وإن كان مختصّا بزمن الرسول صلىاللهعليهوآله إلّا أنّه يمكن أن يجعله الرسول وديعة عند الإمام عليهالسلام ليبيّنه في موقعه ، كإيداع سائر قرائن إرادة خلاف الظاهر ، وعلى كلّ تقدير إذا دار الأمر بين النسخ وسائر المرجّحات ، لا شكّ في أنّ الترجيح الدلالي مقدّم على الترجيح بالنسخ ، هذا لا كلام فيه.
وإنّما الكلام في سائر المرجّحات ، بمعنى أنّه لا تصل النوبة إلى النسخ إلّا بعد فقد سائر المرجّحات أو يحمل على النسخ ابتداء.
وجهان من أنّ النسخ من جهات التصرّف في الظاهر ، لأنّه من قبيل تخصيص الأزمان.
فكما أنّ قوله : لا تكرم النحاة تصرّف في ظاهر أكرم العلماء ، أي : تخصيص في عمومه الأفرادي ، كذلك قوله : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ)(١) تصرّف في ظاهر قوله : (أُحِلَّ لَكُمُ ... وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ)(٢) أي : تخصيص في عمومه الزماني ، فإنّ ظاهر الحكم التأبيد ، فرفعه بعد مضي مدّة يكون خلاف الظاهر.
ولذا ، أي : لكون النسخ تصرّفا في ظاهر الكلام داخلا في التخصيص ، ذكروه في تعارض الأحوال وهو أن يدور حال اللفظ بين بعض ، كالتخصيص والنقل ، والإضمار ، والمجاز ، والاشتراك ، وبين بعض آخر.
وقد مرّ وسيجيء تقديم الجمع بهذا النحو ، أي : التصرّف في الدلالة على الترجيحات الأخر ، ومن أنّ النسخ على فرض ثبوته ، إذ ربّما يقال بأنّه لا وجود للنسخ بمعنى رفع الشيء بعد وضعه.
__________________
(١) البقرة : ٢٢١.
(٢) المائدة : ٥.