أنّ في ذلك ترك العمل بالظنون التي لم يثبت الترجيح بها والإفتاء بكون مضمونها هو حكم الله لا غير ، وتقييد إطلاقات التخيير والتوسعة من دون نصّ مقيّد.
____________________________________
المرجّحات غير المنصوصة. وحيث إنّ الرجوع إلى التخيير جائز قطعا لأخبار التخيير وجواز الرجوع إلى المرجّحات غير المنصوصة ، والتعبّد بخصوص الراجح مشكوك فالأول احتياط بالنسبة إلى الثاني ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
قال التنكابني في المقام ما هذا لفظه : وجه كونه أحوط ما أشرنا إليه من أنّ العلم بوجود المرجّحات المنصوصة في غاية القلّة ، واحتمال وجودها لا يفيد شيئا ، وكذلك الظنّ بعد عدم قيام الدليل عليه ، وبعد أنّ الأصل عدم حجيّته فلا بدّ من الرجوع إلى إطلاق أخبار التخيير بزعم وجوده وجواز التمسّك به في الشبهات الموضوعيّة ، أو من الرجوع إلى أصالة عدم وجودها بزعم أنّ أصل العدم أصل على حدة لا يحتاج إلى وجود الحالة السابقة.
وأنّه يمكن إثبات التخيير ولو كان عقليّا به ، أو بزعم كون التخيير شرعيّا يمكن ترتّبه عليه وإن كانت مباني الوجوه المزبورة فاسدة عندنا ، على ما عرفت شرح ذلك فيما سبق وأشرنا إلى ذلك عن قريب.
وأمّا توجيه كلام الكليني قدسسره بما ذكر من أنّ في ذلك ترك العمل بالظنون التي لم يثبت الترجيح بها إلى قوله : ولذا طعن غير واحد من الأخباريين على رؤساء المذهب إلى آخره وحمله على التمسّك بإطلاق أخبار التخيير في الشبهات الحكميّة وأنّه في مقام عدم جواز التعدّي عن المرجّحات المنصوصة بالرجوع إلى كلّ مزيّة ، كالشهرة الفتوائيّة وغيرها ممّا ليس في النصوص منه عين ولا أثر على ما يظهر من المصنف قدسسره في هذا المقام ، فهو مخالف لظاهر كلام الكليني بل صريح كلامه ، حيث قال : «ولا نعلم من ذلك إلّا أقلّه» مشيرا إلى المرجّحات المنصوصة الدالّة على أنّ كلامه في الشبهات الموضوعيّة ، وأنّه مع عدم العلم بوجود المرجّحات المنصوصة لا بدّ من الحكم بالتخيير وعدم الاعتناء باحتمال وجودها ولا بالظنّ بها.
مع أنّ ما ذكر من التوجيه في هذا المقام من الحمل على الشبهة الحكميّة بالتقريب المزبور مخالف للتوجيه الذي ذكره عن قريب بقوله :