____________________________________
مثل الحجيّة لا بدّ من وجود الدليل عليها ، ومع الشكّ فيها يكون التعبّد بها تشريعا محرّما بالأدلّة الأربعة.
وإن قلنا بأنّ الاحتياط مرجّح بناء على الطريقيّة المزبورة ، كما هو مذهب بعض الأخباريين ، بمعنى أنّه يجب الأخذ بالخبر الموافق له ويحكم بحجّيّته دون الآخر المعارض له ، كما تدلّ عليه المرفوعة ، حيث قال : إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك الآخر (١).
إلى أن قال : فإن التزمنا بالإطلاق فيما دلّ على وجوب الأخذ بالخبر الموافق للاحتياط فلا بدّ من التمسّك به عند الشكّ في كون شيء مرجّحا ويقتصر في تقييده بالمرجّحات المنصوصة ، ولا مسرح للرجوع إلى الأصل العملي مع وجود الأصل اللفظي.
وإن قلنا بالإهمال فيه ، فإن قلنا بأنّ المستفاد من أخبار العلاج كون الحجيّة عند الله واحدا معيّنا من الخبر المطابق للاحتياط والخبر الذي له مزيّة وجدانيّة ، فإن كان ذو المزيّة هو الخبر المطابق للاحتياط فلا إشكال في وجوب الأخذ به ، وإن كان غيره فلا بدّ من الحكم بالتخيير ، لعدم جواز طرحهما والرجوع إلى غيرهما من الأصل وعدم وجود قدر متيقّن في البين ، ودوران الأمر بين المتباينين.
وإن لم نقل باستفادة ذلك من أخبار العلاج ، أو فرض بناء الكلام على الإغماض عنها ، فلا بدّ من الحكم بسقوط الخبرين عن الحجيّة ، بناء على ما هو المفروض من الطريقيّة.
فإن كانت الشبهة تحريميّة يرجع إلى الاحتياط على مذهب الأخباريين ، فيكون الاحتياط مرجعا بعد أن كان مرجّحا في الصورة المزبورة.
وإن كانت وجوبيّة يرجع إلى البراءة على مذهب كلا الفريقين من المجتهدين ، والمشهور من الأخباريين وإن لم يكن أصلا عمليا على طب ق أحدهما ، فالتخيير العقلي نظير التخيير العقلي بين الاحتمالين مع عدم وجود خبر في البين ، والحكم كذلك لو كان المرجع هو أصل آخر غير الاحتياط كأصل البراءة مرجعا ومرجّحا إطلاقا وإهمالا ، نظرا
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.