والسرّ في ذلك ما أشرنا إليه سابقا من أنّ مصبّ الترجيح بها هو ما إذا لم يمكن الجمع بوجه عرفي يجري في كلامين مقطوعي الصدور على غير جهة التقيّة ، بل في جزءي كلام واحد.
وبتقرير آخر : إذا أمكن فرض صدور الكلامين على غير جهة التقيّة وصيرورتهما ، كالكلام الواحد على ما هو مقتضى دليل وجوب التعبّد بصدور الخبرين.
____________________________________
سنده أقوى ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
والسرّ في ذلك ، أي : في تقديم الترجيح بالدلالة على الأنواع الثلاثة من المرجّحات ما أشرنا إليه سابقا عند البحث في أولويّة الجمع من الطرح.
من أنّ مصبّ ، أي : مورد الترجيح بها ، أي : المرجّحات هو ما إذا لم يمكن الجمع بوجه عرفي ، كما إذا لم يكن أحدهما ظاهرا والأخذ أظهر ، كي يحمل الظاهر على الأظهر ، يجري في كلامين مقطوعي الصدور على غير جهة التقيّة.
فإنّك لو قطعت بصدور قوله : يجب غسل الجمعة وقوله : ينبغي غسل الجمعة ، وأنّ شيئا منهما لم يصدر تقيّة ، لجمعت بينهما بحسب عادتك العرفيّة بلا تأمل وتحيّر ، بحمل ينبغي على الوجوب ، فكذا إذا بلغا بطريق خبر الواحد.
بل في جزءي كلام واحد.
فإنّه إذا قال أحد : رأيت أسدا يرمي ، لا تجد من نفسك التحيّر ، بل تجعل قوله : يرمي ـ لقوّة ظهوره في رمي النبل ـ قرينة على إرادة الرجل الشجاع من الأسد ولا تحتمل العكس ، أي : كون الأسد على حمل الرمي بقلع أحجار الأرض بمخالبه ، والإتيان بلفظة ، بل لعلّه من جهة أنّ عناية العرف بالجمع بين أجزاء كلام واحد أزيد من عنايتهم بالجمع بين الكلامين القطعيّين صدورا ، بحيث يكتفون في وجه الجمع بين أجزاء الكلام برائحة الأظهريّة.
فالغرض أنّ أخبار الترجيح ليس مصبّها مطلق الخبرين المتعارضين ، بل مختصّة بغير ما يمكن فيه الجمع الجاري في قطعي الصدور ، بل في جزءي الكلام ، كما في شرح الاستاذ.
وبتقرير آخر : إذا أمكن فرض صدور الكلامين على غير جهة التقيّة وصيرورتهما بحمل الظاهر على الأظهر ، كالكلام الواحد.
توضيح ذلك على ما في شرح الاعتمادي أنّ التعارض عبارة عن تنافي مدلولي الدليلين ،