وأمّا ما ذكرنا في وجهه ، من عدم جواز طرح دليل حجّيّة أحد الخبرين لأصالة ظهور الآخر ، فهو إنّما يحسن إذا كان ذلك الخبر بنفسه قرينة على خلاف الظاهر في الآخر ، وأمّا إذا كان محتاجا إلى دليل ثالث يوجب صرف أحدهما ، فحكمهما حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما إلى شاهدين في أنّ العمل بكليهما مع تعارض ظاهريهما يعدّ غير ممكن ، فلا بدّ
____________________________________
وجه ، وهو عدم إمكان التبعيض ، كما عرفت إلّا أنّه لا وجه لذلك أصلا في مثل اغتسل للجمعة ... إلى آخره ؛ وذلك لاستقرار السيرة على ملاحظة المرجّحات فيه ، فلا معنى للجمع والحكم بالإجمال ، ولا يلزم التبعيض في الصدق.
وأمّا ما ذكرنا في وجهه.
أي : وجه إطلاق إهمال المرجّحات ووجوب الرجوع إلى الجمع في مثال غسل الجمعة وفي مادّة الاجتماع من عامّين وجه.
من عدم جواز طرح دليل حجّيّة أحد الخبرين لأصالة ظهور الآخر.
بمعنى أنّ دليل حجّيّة سند كلّ منهما مزاحم لدليل حجّيّة ظاهر الآخر ، وحيث إنّ حجّيّة الظواهر معلّقة بعدم القرينة على الخلاف ، والفرض أنّ كلّا منهما يصلح قرينة صارفة للآخر ، فدليل حجّيّة كلّ منهما يكون حاكما لدليل حجّيّة ظاهر الآخر ، فيؤخذ بسندهما ويحصل الإجمال في دلالتهما من دون فرق بين مثال غسل الجمعة ، وبين مادّة الاجتماع من عامّين من وجه ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
فهو إنّما يحسن إذا كان ذلك الخبر بنفسه قرينة على خلاف الظاهر في الآخر.
كما إذا كان أحدهما نصّا أو أظهر والآخر ظاهرا ، وإن كانت قرينيّة الأظهر بملاحظة العرف.
فالمراد بقوله : بنفسه هو عدم الاحتياج إلى دليل خارجي ، ولذا قابله بقوله :
وأمّا إذا كان محتاجا إلى دليل ثالث ، أي : إذا كانت قرينيّة أحدهما لصرف الآخر عن ظاهره محتاجا إلى دليل ثالث يوجب صرف أحدهما ، فحكمهما حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما إلى شاهدين.
يعني : حكم القسمين الأخيرين حكم القسم الأوّل ، أعني : المتباينين اللذين يحتاج الجمع بينهما إلى تأويل كليهما وإلى شاهدين على التأويلين.