وإن بنى على عدم طرحه وعلى التعبّد بصدوره ثمّ حمله على التقيّة ، فهذا أيضا قريب من الأوّل ، إذ لا دليل على وجوب التعبّد بخبر يتعيّن حمله على التقيّة على تقدير الصدور ، بل لا معنى لوجوب التعبّد به ، إذ لا أثر في العمل يترتّب عليه.
وبالجملة : إنّ الخبر الظنّي إذا دار الأمر بين طرح سنده وحمله وتأويله فلا ينبغي التأمّل في أنّ المتعيّن تأويله ووجوب العمل على طبق التأويل ، ولا معنى لطرحه أو الحكم بصدوره تقيّة ، فرارا عن تأويله. وسيجيء زيادة توضيح ذلك إن شاء الله ، فلنرجع إلى ما كنّا فيه من
____________________________________
المقابل للنصّ إلّا طرح السند لأجل الفرار عن تأويله وهو غير معقول.
أي : لم يظهر له وجه معقول لا أنّه ممتنع ؛ لأن الممتنع هو التأويل مع طرح السند لا طرح السند ، لئلّا يلزم التأويل على تقدير الأخذ به ، ثمّ إنّ وجه عدم المعقوليّة هو تعيّن الأخذ بالسند وتأويل الدلالة على ما حقّق به المقام ، على ما في الأوثق.
قال الاستاذ الاعتمادي في قوله : وهو غير معقول ، أي : لا يرتضيه العقل بعد ما يصلح النصّ قرينة للظاهر الموجب لحكومة دليل سنده على دليل ظهور الظاهر ، والثاني أيضا لا يرتضيه العقل ، كما قال :
وإن بنى على عدم طرحه وعلى التعبّد بصدوره ثمّ حمله على التقيّة ، فهذا أيضا قريب من الأوّل ، اذ الحمل على التقيّة لا تصل إليه النوبة إلّا بعد تساوي الخبرين في الدلالة والصدور ، بمعنى أنّه مع إمكان الجمع يتعبّد بصدورهما بمقتضى أدلّة الحجّيّة ويؤوّل الظاهر لقاعدة الحكومة ، ومع عدمه فان كان لأحدهما مرجّح صدوري يتعبّد بصدوره ويطرح الآخر ، إذ لا معنى لملاحظة جهة الصدور قبل ملاحظه أصل الصدور كما يأتي.
وبالجملة لا دليل في صورتي إمكان الجمع ووجود المرجّح الصدوري على وجوب التعبّد بخبر ، أي : الالتزام بصدور خبر يتعيّن حمله على التقيّة على تقدير الصدور ، بل لا معنى لوجوب التعبّد به ، إذ معنى التعبّد هو ترتيب الآثار ولا أثر في العمل يترتّب عليه ، أي : على خبر يتعيّن حمله على التقيّة ، كما في شرح الاعتمادي.
وبالجملة : إنّ الخبر الظنّي إذا دار الأمر بين طرح سنده وحمله على التقيّة وتأويله بقرينة الأظهر ، فلا شكّ في أنّ المتعيّن تأويله ووجوب العمل على طبق التأويل لقاعدة الحكومة ، ولا معنى لطرحه أو الحكم بصدوره تقيّة ، فرارا عن تأويله.