وأنت خبير بأنّ جميع المرجّحات المذكورة مفيدة للظنّ الشأني بالمعنى الذي ذكرنا ، وهو أنّه لو فرض القطع بكذب أحد الخبرين كان احتمال كذب المرجوح أرجح من صدقه ، وإذا لم يفرض العلم بكذب أحد الخبرين فليس في المرجحات المذكورة ما يوجب الظن بكذب أحد الخبرين. ولو فرض أنّ شيئا منها كان في نفسه موجبا للظن بكذب الخبر كان مسقطا للخبر عن درجة الحجية ومخرجا للمسألة عن التعارض ، فيعدّ ذلك الشيء موهنا لا مرجحا ، اذ فرق واضح عند التأمل بين ما يوجب في نفسه مرجوحية الخبر وبين ما يوجب مرجوحيته بملاحظة التعارض وفرض عدم الاجتماع.
____________________________________
التخيير.
وأنت خبير بأنّ مناط اعتبار المرجّحات لو كان هو إفادة الظنّ فعلا بصدق الراجح وكذب المرجوح سقط جميعها عن المرجّحيّة ؛ لأن جميع المرجّحات المذكورة للسند والمتن مفيدة للظنّ الشأني بالمعنى الذي ذكرنا ، وهو أنّه لو فرض القطع بكذب أحد الخبرين كان احتمال كذب المرجوع أرجح من صدقه ، وإذا لم يفرض العلم بكذب أحد الخبرين ، فإنّ الغالب في المتعارضين احتمال صدقهما.
فليس في المرجّحات المذكورة ما يوجب الظنّ فعلا بكذب أحد الخبرين. ولو فرض أنّ شيئا منها كان في نفسه ، أي : مع قطع النظر عن التعارض وتنزيلهما منزلة خبرين علم بكذب أحدهما موجبا للظنّ الفعلي بكذب الخبر ، كما لو فرضنا أنّ الإرسال يوجب الظنّ بالكذب وإن لم يكن هناك معارض كان مسقطا للخبر عن درجة الحجّيّة.
بناء على أنّه يشترط في حجّيّة الخبر الظنّ الفعلي بالصدق أو عدم الظنّ بالخلاف ، وكلاهما منتفيان في المرجوح بالفرض ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
ومخرجا للمسألة عن التعارض ، فيعدّ ذلك الشيء ، أي : المرجّح الكذائي موهنا ، أي : مسقطا للمرجوح عن الحجّيّة لا مرجّحا لأحد الدليلين على الآخر.
إذ فرق واضح عند التأمّل بين ما يوجب في نفسه ، أي : مع قطع النظر عن التعارض مرجوحيّة الخبر والظنّ الفعلي بكذبه فيسقط عن الحجّيّة.
وبين ما يوجب مرجوحيّته بملاحظة التعارض وفرض عدم الاجتماع.
وحاصل الفرق أنّ ما يوجب مرجوحيّة الخبر في نفسه يخرجه عن الحجّيّة الشأنيّة