ويمكن ـ أيضا ـ الالتزام بما ذكرنا سابقا ، من غلبة الباطل في أقوالهم ، على ما صرّح به في رواية الأرجاني (١) المتقدّمة ، وأصرح منها ما حكي عن أبي حنيفة من قوله : (خالفت جعفرا في كلّ ما يقول إلّا أنّي لا أدري أنّه يغمض عينيه في الركوع والسجود أو يفتحهما) (٢) ، وحينئذ فيكون خلافه أبعد من الباطل.
ويمكن توجيه «الوجه الرابع» : بعدم انحصار دليله في الرواية المذكورة.
____________________________________
التي يتفق فيه العامّة على فتوى لا تكون المسألة ذات وجوه ، بل تكون ذات وجهين ، فإذا لم يكن في المسألة إلّا وجهان واتفق العامّة على وجه وكان الحقّ منحصرا فيهما ولا يحتمل غيرهما ، وكان الحقّ في خلاف أحدهما بحسب تعيين الرواية تعيّن في هذا المورد وجود الحقّ في الآخر المعيّن ولا يحتمل غيره ، فيؤخذ بالخبر المخالف لكون الحقّ فيه.
فنرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، وملخّص ما فيه أنّه إذا وافق أحد الخبرين للعامّة وانحصر خلافهم في الخبر المخالف يصحّ التعليل بأنّه أقرب إلى الحقّ ، وفي الموارد النادرة التي يتردّد فيها خلافهم بين الاحتمالات يرجع إلى سائر المرجّحات ، وقد أشار إلى دفع الإشكال على التقدير الثاني بقوله :
ويمكن ـ أيضا ـ الالتزام بما ذكرنا سابقا ، من غلبة الباطل في أقوالهم.
حاصله : إنّا وان استبعدنا غلبة بطلان أحكامهم إلّا أنّ التأمّل في القرائن يرفع الاستبعاد ، فيصحّ أن يقال بأنّ الموافق لهم أقرب إلى الباطل ؛ لغلبة الباطل في أحكامهم ، فالخبر المخالف لهم أبعد عن الباطل سواء انحصر خلافهم فيه أم لا ، ثمّ بيّن القرائن وقال :
على ما صرّح به في رواية الأرجاني المتقدّمة في مخالفة العامّة لعلي عليهالسلام دائما ، وأنّه عليهالسلام إذا أفتاهم بشيء جعلوا له ضدا.
ويمكن توجيه «الوجه الرابع» : بعدم انحصار دليله في الرواية المذكورة.
أي : قوله : ما سمعته منّي يشبه قول الناس ففيه التقيّة ... إلى آخره.
وملخّص الكلام أنّ ترجيح الخبر المخالف مسلّم منصوص ولترجيحه جهتان : رشده بالنسبة إلى الموافق ، وهو أيضا منصوص كما وجّه ، وعدم احتمال التقيّة فيه ومنصوصيّة
__________________
(١) علل الشرائع ٢ : ٢٤٩ / ١. الوسائل ٢٧ : ١١٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٢٤.
(٢) مفتاح الكرامة ٣ : ٣٩٣.