من هذه الجهة ، لا صورة وجود المرجّح في كليهما ، وتكافؤهما من هذه الجهة.
وكيف كان ، فلو كان كلّ واحد موافقا لبعضهم مخالفا لآخرين منهم وجب الرجوع إلى ما يرجّح في النظر ملاحظة التقيّة منه.
وربّما يستفاد ذلك من أشهريّة فتوى أحد البعضين في زمان الصدور
____________________________________
أحدهما : أن يكون السائل فهم من كلامه عليهالسلام إرادة موافقة الكلّ ، فقال : «هما معا موافقان» يعني : فاقدان لهذا المرجّح.
ثانيهما : أن يكون قد فهم منه إرادة مطلق الموافقة ، فقال : «هما معا موافقان» يعني : واجدان لهذا المرجّح.
وبالجملة إذا كان ظهور الاولى أقوى تكون هي قرينة للمراد من الثانية ، كما قال :
فيحمل على إرادة صورة عدم وجود هذا المرجّح في شيء منهما وتساويهما من هذه الجهة ، لا صورة وجود المرجّح في كليهما ، وتكافؤهما من هذه الجهة.
أي : معنى موافقتهما هو انتفاء هذا المرجّح لا وجوده في كليهما وتساويهما.
والمتحصّل من الجميع أنّ موافقة الكلّ من قبيل المنصوص وموافقة البعض من قبيل الترجيح بكلّ مزيّة.
وكيف كان ، فلو كان أحدهما موافقا للبعض دون البعض ، وكان الآخر مخالفا للكلّ أو للبعض بلا اطلاع على مخالفة الباقين ، فالترجيح به أيضا مستند إلى قاعدة الترجيح بكلّ مزيّة.
ولو كان كلّ واحد موافقا لبعضهم مخالفا لآخرين منهم ، فكلّ منهما راجح من جهة ومرجوح من جهة وجب الرجوع إلى ما يرجّح في النظر ملاحظة التقيّة منه.
أي : لا بدّ أن يتأمّل حتى يدرك أنّ أيّتهما أنسب بالحمل على التقيّة.
وربّما يستفاد ذلك ، أي : رجحان لحاظ التقيّة في أحدهما من أشهريّة فتوى أحد البعضين في زمان الصدور.
فإنّه كان عند أهل كلّ ناحية فتوى مشهورة ، وربّما كانت تتفاوت بحسب الأزمنة ، فإذا كان السائلان من أهل العراق وكان المشهور بينهم في هذا الزمان فتوى أبي حنيفة ، فأجاب عليهالسلام لأحدهما بما يوافق فتوى أبي حنيفة وللآخر بما يوافق فتوى مالك ، كان الأوّل