ولا ترجيح بذلك ، وينبغي لنا الوقف بينهما جميعا أو يكون الإنسان مخيّرا في العمل بأيّهما
____________________________________
يعني : أنّ مذهبنا هو توقف العقل في أمثال شرب التتن عن الحكم بالإباحة أو الحظر ، وأنّ الحاكم بإباحة المباحات وحظر المحرمات هو الشرع وحده في غير المستقلات العقليّة.
قال التنكابني في المقام ما هذا لفظه : «بناء المسألة على ما ذكره الشيخ لا يدفع إشكال كون المشهور في مسألة المقرّر والناقل على تقديم الناقل ، وفي مسألة الحاظر والمبيح على تقديم الحاظر ، مع أنّ المشهور في الكتب الاستدلاليّة في المسألة الاولى الرجوع إلى الأصل ، وفي المسألة الثانية الرجوع إلى الإباحة ، ثمّ بناء المسألة على الأصل الأوّلي في الأشياء الخاليّة عن المضرّة المشتملة على منفعة ما إنّما هو من جهة حكم العقل بالإباحة أو الحظر الواقعيين ، وحينئذ يمكن أن يكون الأصل مرجّحا لخروجه عن كونه أصلا عمليّا في الحقيقة ، بل الأصل يكون بمعنى القاعدة ، كما هو كذلك عند من قرّر النزاع فيهما.
وأمّا إذا قلنا بالإباحة أو الحظر الظاهريين ، كما هو كذلك عند بعضهم فلا يكون الأصل المزبور مرجّحا لأحد الخبرين ؛ لأن الحكم الظاهري لا يكون في مرتبة الحكم الواقعي ، فكيف يكون مرجّحا؟!.
وكذلك إذا قلنا بالإباحة والحظر الظاهريين شرعا ، كما صرّح به الشيخ قدسسره لمثل البيان المذكور. وعلى الأوّل إنّما يكون مرجّحا إذا لم نقل بحكم العقل قطعا بالحظر من جهة قبح التصرّف في مال الغير أو من جهة اخرى ، أو بالإباحة من جهة القطع بعدم المفسدة أو عدم كونه تصرّفا ، وإلّا فيخرج عن المرجّحيّة أيضا.
لأن الخبر الآخر الذي يكون على خلاف العقل القطعي لا يكون حجّة أصلا ، إذ موضوعها عدم العلم والشكّ في الواقع ، وممّا ذكرنا يظهر أنّ ما جعله المصنف قدسسره متّجها ، ليس بوجيه أصلا» انتهى.
ولا ترجيح بذلك.
أي : بمجرّد تضمن الحظر أو الإباحة ؛ لأن المقصود ترجيح أحد الخبرين بالأصل العقلي من تأكيد حكم النقل بالعقل لا بنقل آخر ، مع أنّ الأصل إذا كان شرعيّا يكون مفاده الحكم الظاهري ، والحكم الظاهري ليس في مرتبة الحكم الواقعي فكيف يكون مرجّحا