به عند تعارض الخبرين. وما ذكره الشيخ قدسسره إنّما يتمّ لو أراد الترجيح بما يقتضيه الأصل ، لا بما ورد التعبّد به من الأخذ بأحوط الخبرين. مع أنّ ما ذكره من استفادة الحظر أو الإباحة من الشرع لا ينافي ترجيح أحد الخبرين بما دلّ من الشرع على أصالة الإباحة ، مثل قوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) (١) ، أو على أصالة الحظر مثل قوله : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (٢) ، مع أنّ مقتضى التوقف على ما اختاره لمّا كان وجوب الكف عن الفعل ،
____________________________________
بأن يقال ليس مرادهم من كون الحاظر متيقّنا في العمل أنّ العمل به احتياط ، والاحتياط في الحرام مأمور به في الحديثين حتى يرد ما تقدّم ، بل مرادهم منه أنّ الحاظر مطابق للاحتياط ومطابقة الاحتياط من المرجّحات المنصوصة ، للمتعارضين بدلالة المرفوعة.
فالاحتياط وإن لم يجب الأخذ به في الاحتمالين المجرّدين عن الخبر ، إلّا أنّه يجب الترجيح به عند تعارض الخبرين.
بمعنى أنّ الاحتياط وإن لم يجب في صورتي فقد النصّ وإجماله ، لكن يجب الترجيح به في صورة تعارض الخبرين.
وما ذكره الشيخ قدسسره من امتناع ترجيح المبيح أو الحاظر مخدوش بوجوه :
أحدها : ما أشار إليه بقوله : إنّما يتمّ لو أراد الترجيح بما يقتضيه الأصل ، لا بما ورد التعبّد به من الأخذ بأحوط الخبرين.
بمعنى أنّ القائل بالتوقف عقلا ، كالشيخ رحمهالله وإن لم يتمكّن من ترجيح أحدهما بالأصل العقلي لكنّه متمكّن من ترجيح الحاظر بدليل المرفوعة.
وثانيها : ما أشار إليه بقوله : مع أنّ ما ذكره من استفادة الحظر أو الإباحة من الشرع لا ينافي ترجيح أحد الخبرين بما دلّ من الشرع على أصالة الإباحة ، مثل قوله عليهالسلام : (كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي) ، أو على أصالة الحظر مثل قوله : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
حاصله على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّه على فرض توقف العقل وكون البيان على عهدة الشرع ، نقول : بيان الشرع على نحوين :
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ / ٩٣٧. الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٧.
(٢) المعجم الكبير ٢٢ : ١٤٧ / ٣٩٩. كنز الفوائد ١ : ٣٥١ ، الذكرى : ١٣٨ ، غوالي اللآلئ ١ : ٣٩٤ / ٤٠. الوسائل ٢٧ : ١٦٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٤٣.