وضابط الحكومة : أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرّضا لحال الدليل الآخر ، ورافعا للحكم الثابت بالدليل الآخر عن بعض أفراد موضوعه ، فيكون مبيّنا لمقدار مدلوله ، مسوقا لبيان حاله عليه ، نظير الدليل الدالّ على أنّه لا حكم للشكّ في النافلة أو مع كثرة الشكّ أو مع حفظ الإمام أو المأموم أو بعد الفراغ من العمل ، فإنّه حاكم على الأدلّة المتكفّلة لأحكام هذه الشكوك ، فلو فرض أنّه لم يرد من الشارع حكم الشكوك لا عموما ولا خصوصا ، لم يكن مورد للأدلّة النافية لحكم الشكّ في هذه الصور.
____________________________________
وتوضيح ما ذكره يتوقّف على بيان معنى الحكومة والورود والتخصيص والفرق بينها ، فنقول : إنّ ضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى مفاد الآخر وشارحا لمدلوله ، من دون فرق من كون الدليل الحاكم شارحا ومبيّنا لكميّة مدلول الدليل المحكوم بمدلوله اللفظي أو بغيره ، ولعلّ هذا هو مراد المصنف قدسسره.
فقوله : وضابط الحكومة ... إلى آخره ـ الظاهر في كون الحكومة هي أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي شارحا ومبيّنا لمفاد الآخر ـ يكون من باب المثال لا من باب الانحصار ، فقوام الحكومة إنّما هو أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى مفاد غيره ومبيّنا لكميّة مدلوله ولو واقعا ، ولا يعتبر فيها كون الحاكم بمدلوله اللفظي شارحا لمفاد الغير.
وكيف كان ، فصور الحكومة نظرا إلى تصرّف الدليل الحاكم في عقد وضع الدليل المحكوم وعقد حمله إدخالا أو إخراجا أربعة :
مثال التصرّف في عقد وضعه إدخالا وسعة ، كقوله : زيد عالم ، عقيب قوله : أكرم العلماء.
وإخراجا وضيقا ، كقوله : النحويّون ليسوا من العلماء ، بعد : أكرم العلماء.
ومثال التصرّف في عقد حمله إدخالا ، كقوله : تأديب اليتيم إكرام ، عقيب قوله : اليتيم واجب الإكرام.
وإخراجا كقوله : إطعامه منّة عليه ليس بإكرام ، عقيب قوله : اليتيم واجب الإكرام.
ثمّ الحكومة بالمعنى المتقدّم باعتبار كون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي شارحا للمراد من الدليل الآخر ، أو كون أحدهما رافعا لموضوع الحكم في الدليل الآخر على قسمين على ما في تقرير سيّدنا الاستاذ دام ظلّه :