خط المشرق حينئذ ، يقال : إنك مستقبل للقمر ومتوجّه إليه ، وكذا من قام جنبك موازيا لك ، ومن قام جنبه كذلك ، وهكذا إلى أن يحصل صف طوله أكثر من عشرة فراسخ ، فالكلّ له مواجهون ومستقبلون مع أنّ الفصل بين طرفي الصف أكثر من عشرة فراسخ.
ولكن لو انحرف أحد هذه الأشخاص قدرا يسيرا من المشرق إلى إحدى جهتي الجنوب أو الشمال ولو بقدر عشر الدور بل أقلّ ، يقال : مال عن القمر وانحرف عنه ، وليس مستقبلا له.
ولو اختلج في صدرك شيء لأجل سعة جرم القمر في الحقيقة ، وقلت : إن الصدق مع الطول الكذائي لهذا السبب ، فافرض منارة محاذية لنقطة المشرق على رأس جبل بينك وبينه خمسة فراسخ أو عشرة مثلا ، فإنك إذا واجهت نقطة المشرق تكون مستقبلا للمنارة ومتوجّها إليها ، وكذا من قام بجنبك موازيا لك إلى نحو من ألف شخص ، مع أن المحاذاة الحقيقية ليست إلاّ لأربعة أو خمسة ، ولكن إذا انحرف أحدهم عن نقطة المشرق ولو بقدر يسير ، يخرج عن الاستقبال للمنارة.
فليس المراد باتّساع جهة التوجّه بالبعد أنّ المستقبل لا يخرج عن الاستقبال بالميل اليسير ، بل المراد أنه يصدق الاستقبال ولو كان المستقبل خارجا عن المحاذاة الحقيقية بكثير ، فإذا كانت المنارة على رأس فرسخ مثلا ، يصدق الاستقبال لها على جميع أهل صف طوله مائة ذراع ، ولا يصدق على جميع أهل صف طوله ألف ذراع مثلا ، وإذا كانت على رأس عشرة فراسخ يصدق على جميع أهل صف طوله ألف ذراع أيضا ، وهكذا ..
وتشريحه والسرّ فيه أنه إذا زاد البعد بين المستقبل والمستقبل له ، يعدّ المستقبل لما يقاربه مستقبلا له عرفا ، ويكون المحاذي له محاذيا له عرفا ، وليس للفصل بين المتقاربين قدر محسوس مع البعد ، فالمحاذي للمنارة المذكورة حقيقة محاذ لها عرفا ، وكذا المحاذي لما يبعد عنها بذراع أو عشرة أذرع أو مائة ، ويزيد ذلك بزيادة البعد ، وذلك بخلاف ما لو انحرف المستقبل عنها يسيرا ، فإنه يزيد