وعنده نفر من أصحابنا وهو يقول : « يصلّون قبل أن تزول الشمس » قال : وهم سكوت ، فقلت : أصلحك الله ما نصلّي حتى يؤذّن مؤذّن مكة ، قال : « فلا بأس ، أما إنه إذا أذّن فقد زالت الشمس » (١).
خلافا للأكثر ، فلم يعتبروه إمّا مطلقا ، أو إلاّ مع عدم التمكن من العلم ، لعمومات اشتراط العلم ، وخصوص رواية علي ، المتقدّمة (٢) ، وكون روايات الاعتبار بين غير دالّ وضعيف.
أقول : لا شك في ضعف كثير من رواياته ، وعدم تمامية دلالة بعضها ، إلاّ أنّ أكثر مراسيل الفقيه وصحيحة المحاربي حجة ظاهرة الدلالة على المراد.
ولوجوب تخصيص العام منها بالعارف الضابط ، للإجماع على عدم اعتبار غيره ، وللتفرقة بين أذان ابن مكتوم وبلال ، والتعليل المذكور في الصحيحة ، ولموثّقة عمار : عن الأذان هل يجوز أن يكون من غير عارف ، إلى أن قال : « فإن علم الأذان فأذّن به ولم يكن عارفا لم يجز أذانه ولا إقامته ، ولا يقتدى به » (٣) وفي بعض النسخ : « لا يعتد به » تصير أخص من رواية علي ، فيجب تخصيصها به.
فقول المعتبر والمعتمد معتبر ومعتمد.
والمراد بالعارف الثقة من يكون عارفا بالوقت موثوقا به عن التقديم والتأخير عمدا.
ولا بدّ من إمكان علمه بالوقت ، كما قيّد به في المدارك (٤) ، فلو كان السماء بحيث لم يتصوّر حصول العلم لا يعوّل عليه ، لفقدان فائدة المعرفة التي رتّب
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٣٠٩ ـ ١٤٠ ، الوسائل ٥ : ٣٨٠ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ٩.
(٢) في ص ٩٠.
(٣) الكافي ٣ : ٣٠٤ الصلاة ب ١٨ ح ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٧٧ ـ ١١٠١ ، الوسائل ٥ : ٤٣١ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٦ ح ١.
(٤) المدارك ٣ : ٩٨.