بشرط عدم التمكّن من مشاهدة الكعبة ولو بمشقّة يمكن تحمّلها عادة ، كالستة الأول ، أو مطلقا ، كالبواقي على ما هو مقتضى إطلاق كلماتهم ، بل بعض أدلّتهم ، وإن صرّح جمع ـ منهم صاحب البحار (١) ـ بأنّ الظاهر عدم مخالفتهم في التقييد المذكور ، كما يرشد إليه دعوى جماعة ـ منهم التذكرة والمعتبر وكنز العرفان (٢) ـ الإجماع على كون الكعبة قبلة مع التمكّن عن المشاهدة.
للأخبار المشتملة على ذلك التفصيل ، كمرسلة الحجال : « إنّ الله جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا » (٣).
ورواية أبي الوليد : « البيت قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة للناس جميعا » (٤) ومثلها في العلل (٥). خرج المتمكن من المشاهدة عند الأولين بالإجماع.
ويضعّف : بأنّها معارضة مع الأخبار المتقدّمة ، فإن رجّحنا المتقدّمة بالشهرة ، والكثرة ، واعتبار السند ، والأحدثية في بعضها فهو ، وإلاّ فيرجع إلى الأصل ، وهو مع المتقدّمة ، لاستصحاب الاشتغال المذكور.
ولا يتوهّم أخصيّة تلك الأخبار مطلقا عن المتقدّمة ، باعتبار المصلّي ، حيث إنه في المتقدّمة عام ، وفي هذه خاص بأهل المسجد بالنسبة إلى الكعبة ، لأنّه وإن كان كذلك في بعضها ، إلاّ أنه ليس كذلك في رواية الاحتجاج.
مع أنّ لهذه الأخبار أيضا جهة عموم باعتبار الموضع ، فإنّ كون المسجد أو
__________________
(١) البحار ٨١ : ٥١.
(٢) التذكرة ١ : ١٠٠ ، المعتبر ٢ : ٦٥ ، كنز العرفان ١ : ٨٥.
(٣) علل الشرائع ١ : ٤١٥ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٤٤ ـ ١٣٩ ، الوسائل ٤ : ٣٠٣ أبواب القبلة ب ٣ ح ١.
(٤) التهذيب ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠ ، الوسائل ٤ : ٣٠٤ أبواب القبلة ب ٣ ح ٢.
(٥) علل الشرائع : ٣١٨ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ٣٠٤ أبواب القبلة ب ٣ ح ٤.