في التيامن والتياسر (١) ، يعني أنه لو أدّى الاجتهاد إلى خلاف الجهة لا يعوّل عليه لحكم الحدس بخطئه.
المسألة الثالثة : هل يكتفي غير المتمكن من العلم بمطلق الظن ، فتكفيه أمارة محصّلة له ولو تمكّن من أمارة أقوى؟ أو يجب عليه تحصيل أقوى ما يتمكّن منه من الظنون؟
الظاهر الثاني ، كما به صرّح طائفة (٢) ، لأنه المفهوم من التحرّي وتعمّد الجهد ـ الواردين في النص ـ في العرف واللغة ، فإنّ التحرّي هو طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن ، ذكره الجوهري والطريحي (٣) ، أو الاجتهاد في الطلب ، ذكره ابن الأثير (٤) ، والاجتهاد : بذل الجهد واستفراغ الوسع ، كما ذكره أهل اللغة ، بل في النهاية الأثيرية : أنه استفراغ ما في الوسع والطاقة ، وقال أيضا : يقال جهد الرجل إذا جدّ فيه وبالغ (٥). والجهد هو الطاقة ، فتعمده : صرفها ، وهو بذل أقصى ما يمكن من السعي.
فلا يكفي للمتمكن من استعمال قواعد الهيئة الاقتصار على الإخبار ولا على قبلة منصوبة ، إلاّ إذا كان الظن الحاصل منها أقوى ، كقبلة المساجد الجامعة في البلاد ، أو إخبار جماعة كثيرة من أهل بلد. ولا يكفي إخبار الواحد مع إمكان الأزيد ، وهكذا. وبالجملة اللازم بذل الجهد وصرف ما في الوسع.
الرابعة : لو اجتهد فأخبر واحد بخلاف اجتهاده ، عمل بالأوثق عنده ولو
__________________
(١) كما في الذكرى : ١٦٣.
(٢) منهم الفيض في المفاتيح ١ : ١١٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٨٠ ، وصاحب الرياض ١ : ١١٨.
(٣) الصحاح ٦ : ٢٣١١ ، ومجمع البحرين ١ : ٩٨.
(٤) النهاية ١ : ٣٧٦.
(٥) النهاية ١ : ٣١٩.