أبدا ، بل بمعنى أنّ سمت توجّه الأشخاص المتوازية الكثيرة في البعيد واحد ، ويكون سمت توجّه الأماكن القريبة متّحد ، ويزداد الاتّساع بذلك المعنى بزيادة البعد.
وسبب التفرقة ما مرّ من أنّ بميل شخص واحد في خراسان مثلا بقدر شبر عمّا اقتضته العلامة قد يصير البعد بين طرف خط العلامة وطرف خط سمت الميل في مكة أزيد من مائة فرسخ ، بخلاف الشخصين المتوازيين اللذين بينهما فرسخ مثلا ، فإنّ البعد بين سمتي توجّههما لا يزيد عن الفرسخ وإن ذهب السمتان إلى غير النهاية.
الثامنة : المشهور رجحان التياسر قليلا لأهل العراق ، إمّا مع وجوبه كما هو ظاهر جماعة من القدماء منهم : الشيخ في كثير من كتبه منها الخلاف مدّعيا فيه عليه الإجماع (١) ، وابن حمزة (٢) ، والشيخان أبو الفتوح (٣) ، وأبو الفضل شاذان بن جبرئيل (٤). أو استحبابه كما هو المشهور عند القائلين بالرجحان ، وهو المحكي عن الشيخ في المصباح (٥) ومختصره ، وابن سعيد مبدلا للعراقي بالمشرقيين (٦).
لرواية المفضل : عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه ، فقال : « إنّ الحجر الأسود لمّا أنزل من الجنة ووضع في موضعه ، جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر ، فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال ، وعن يسارها ثمانية أميال ، كلّه اثنا عشر ميلا ، فإذا انحرف الإنسان ذات
__________________
(١) كما في الاقتصاد : ٢٥٧ ، والمبسوط ١ : ٧٨ ، والجمل والعقود : ١٧٦ ، النهاية : ٦٣ ، الخلاف ١ : ٢٩٧.
(٢) الوسيلة : ٨٥.
(٣) تفسير روح الجنان ١ : ٤٢٢.
(٤) رسالة إزاحة العلة المنقولة في البحار ٨١ : ٧٧.
(٥) مصباح المتهجد : ٢٤.
(٦) الجامع للشرائع : ٦٣ قال فيه : يستحب للعراقيين والمشرقيين أن يتياسروا قليلا.