أطبقت النورة على بدنه ألقى المئزر ، فقال له مولى له : بأبي أنت وأمّي إنك لتوصينا بالمئزر ولزومه وقد ألقيت عن نفسك ، فقال : « أما علمت أنّ النورة قد أطبقت العورة » (١).
أقول : انكشاف حجم الشيء وخلقته بعد استتار اللون والبشرة تارة يكون برؤية شبحه بنفسه من وراء الساتر ، كما يرى الشيء من وراء الزجاجة الكثيفة أو من وراء ثوب قريب من العين ، فإنّه كثيرا ما يرى شبح ما وراءهما بنفسه ولا يتميّز لونه ، ومن ذلك القبيل من يرى في الليلة إذا لم يكن لها شديد ظلمة فإنه يرى شبحه وإن لم يتميّز لونه ، فالمرئي حينئذ ليس هو الحائل بل شبح الشيء.
وأخرى يكون بعدم رؤية الشبح أيضا ، بل يكون المرئي هو الحائل فقط وإن حكى هو حجم الشيء أيضا للصوقه به كالشيء الملفوف بالكرباس أو المطبق بالنورة والطين.
فإن أريد من حكاية الحجم ما كان من قبيل الأول فالحقّ مع الأول ، لعدم تحقّق الستر معه قطعا ، وعدم جريان أدلّة الثاني في دفعه ، وهو ظاهر.
وإن أريد الثاني فالحقّ مع الثاني ، لأدلّته. ولا تنافيه توقيفية العبادة كما لا يخفى ، ويمنع تبادر ستر الحجم من الستر ، وصحة السلب ، وتخصّ المرسلة بما ذكر ، مع أنّ في شمولها لمثل ذلك نظرا ، وتفسير الشهيد الوصف بما وصف لا حجية فيه ، مع أنّ النسخ مختلفة.
الرابعة : لا شك في جواز الستر وتحقّقه بالثوب مطلقا ، وكذا بالحشيش والورق ومثلهما حال الانحصار ، وفي صحيحة علي ، المتقدّمة تصريح به (٢).
وهل يجوز الاستتار بهما مع وجود الثوب أيضا ، أم لا؟ المحكي عن جماعة : الثاني ، واختاره في المدارك (٣) ، ووالدي في المعتمد ، ونسب إلى الشيخ والحلّي
__________________
(١) الكافي ٦ : ٥٠٢ الزي والتجمل ب ٤٣ ح ٣٥ ، الوسائل ٢ : ٥٣ أبواب آداب الحمام ب ١٨ ح ٢.
(٢) راجع ص ٢٢٢.
(٣) المدارك ٣ : ١٩٣.