الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة فأصلّي فيها؟ قال : « صلّ » (١).
ويضعّف : بأنّ الإجماع المنقول ليس بحجة ، مع أنه بمثله معارض.
والأصل بما مرّ مندفع. والموثّق ـ مع كونه أقلّ مما مرّ عددا ، وأضعف سندا ، وموافقا لجماعة من العامة منهم أبو حنيفة (٢) ـ أعم من الصحيحة المتقدّمة ، بل جميع الأخبار المانعة ، لتخصيصها بغير المضطر إجماعا ، فليخصّ بها (٣).
ثمَّ المضطر هل يصلّي قائما مستقبلا لأيّ جزء منه اتّفق كما هو ظاهر الأصحاب ، أو مستلقيا ، أو إلى الأربع ، كما ورد بهما الرواية؟! الظاهر الأول ، لظاهر الإجماع ، ووجوب القيام والركوع والسجود ، والأصل ، وانتفاء الاستقبال الثابت على جميع الأحوال. والروايتان شاذتان.
هـ : لو استطال صف المأمومين في المسجد الحرام حتى خرج بعضهم عن محاذاة الكعبة ، بطل صلاة ذلك البعض ، وكذا لو خرج بعض شخص عن المحاذاة.
المسألة الثانية : قد عرفت أنّ الواجب هو استقبال الكعبة ، أي التوجّه إليها عرفا ، الذي هو عبارة عن المحاذاة العرفية لها ، وأنه بعينه معنى التوجّه إلى جهتها.
ثمَّ الواجب هو تحصيل العلم بتلك المحاذاة والتوجّه ، كما هو مقتضى الأصول والنصوص والفتاوى ، من غير خلاف يعرف ، ولكن وجوبه مقيّد بإمكان
__________________
١٥٤ ، والكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٣٦ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٢١ ، والمحقق السبزواري في كفاية الأحكام : ١٦.
(١) التهذيب ٥ : ٢٧٩ ـ ٩٥٥ ، الوسائل ٤ : ٣٣٧ أبواب القبلة ب ١٧ ح ٦.
(٢) انظر : المحلى لابن حزم ٤ : ٨٠ ، والفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٢٠٤.
(٣) وحمل أخبار المنع على الكراهة وإن أمكن إلا أن قاعدة تقدم الخاص يأبى عنه مع أن قوله في الموثقة « صلّ » حقيقة في الوجوب الممكن إرادته حال الاضطرار ، ولو أبقيت على العموم لوجب حمله على الجواز الخالي عن الرجحان ، لعدم القول بالرجحان ، وهو مع كونه مجازا مرجوحا ليس بأولى من التخصيص ، بل هو أولى منه بوجوه. منه رحمه الله تعالى.