الذي سئل عنه ، يعني أنّ كلّ جزء ممّا بين المشرق والمغرب قبلة لموضع من الأرض ، فلا يمكن تحديدها بحدّ.
وبالجملة : المسألة واضحة جدّا.
نعم ، نقل نادر هنا المخالفة عن المبسوط ، وأنه أوجب الصلاة إلى أربع جهات. وعبارته ـ كما قيل (١) ـ غير ظاهرة في المخالفة (٢) ، لاحتمال إرادة صورة فقد أمارات الظن بالكلّية ، ولو سلّمت مخالفته فهي شاذة مخالفة للإجماع المحقّق والمحكي مستفيضا ، بل على خلافه إجماع المسلمين على ما صرّح به بعضهم حيث قال : وهل له الاجتهاد إذا أمكنه الصلاة إلى أربع جهات؟ الظاهر إجماع المسلمين على تقديمه وجوبا على الأربع قولا وفعلا ، وأنّ فعل الأربع حينئذ بدعة ، فإنّ غير المشاهد للكعبة ومن بحكمه ليس إلاّ مجتهدا أو مقلّدا ، فلو تقدّمت الأربع على الاجتهاد لوجبت على عامة الناس وهم غيرهما أبدا ، ولا قائل به .. إلى آخر ما قال (٣).
وما يستدل لقوله من كون لزوم الأربع موافقا لأصل الاشتغال ، ومرسلة خراش : جعلت فداك ، إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون : إذا أطبقت السماء علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنّا وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال : « ليس كما يقولون ، إذا كان ذلك فليصلّ إلى أربع وجوه » (٤) حيث إنها ظاهرة في نفي الاجتهاد من أصله.
ففيه : أنّ الأصل المذكور مع ما ذكر من الأخبار لا يفيد شيئا. والمرسلة غير
__________________
(١) انظر الرياض ١ : ١١٨.
(٢) انظر المبسوط ١ : ٧٨ و ٨٠.
(٣) كشف اللثام ١ : ١٧٧.
(٤) التهذيب ٢ : ٤٥ ـ ١٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٩٥ ـ ١٠٨٥ ، الوسائل ٤ : ٣١١ أبواب القبلة ب ٨ ح ٥.