على تردد بل عن ظاهر النافع وصريح الجامع العدم ، للأصل ومنع الإجماع ودلالة الأخبار ، فإنها إنما دلت على إدراك الحج بإدراك المشعر ، ولكن انما يدرك الحج الذي نواه وأحرم به ، وصلاحية الوقت للإحرام لا يفيد إلا إذا لم يكن محرما ، أما المحرم فليس له الإحرام ثانيا إلا بعد الإحلال أو العدول (١) إلى ما دل عليه الدليل ، ولا دليل هنا ، ولا الاستطاعة ملجأه اليه ، ولا مفيدة للانصراف إلى ما في الذمة ، فإنا نمنع وجوب الحج عليه بهذه الاستطاعة ، لاشتغال ذمته بإتمام ما أحرم له ، مع أن صلاحية الوقت إذا فاتت عرفة ممنوعة ، والحمل على العبد إذا أعتق قياس ، لكن فيه أن الأصل مقطوع بما عرفت ، ولا وجه لمنع الإجماع الذي نقله الثقة العدل وشهد له التتبع ، كما لا وجه لمنع دلالة الأخبار إن كان المراد منها ما ورد في العبد ، فإنها صريحة في الاجزاء عن حجة الإسلام ، بل هو المنساق من إطلاق أن إدراك المشعر إدراك الحج لا الحج الذي نواه وأحرم به ، فإنه مدرك له قبل حصول هذه الصفة ، وصلاحية الوقت انما ذكرت استيناسا لما نحن فيه لا أنها دليل ، ضرورة وضوح الفرق بين نفس الموضوعين ، ومنع الوجوب بهذه الاستطاعة لما عرفت مصادرة ، كما أن الحمل على العبد ليس قياسا بعد ما عرفت من الإجماع وظهور نصوص العبد في عدم الخصوصية له.
وعلى كل حال فلا ريب في أن الأقوى الاجزاء عن حجة الإسلام إنما الكلام في وجوب تجديد النية للإحرام بحجة الإسلام وللوجوب كذلك في الوقوف ، سيما على تقدير اعتبار الوجه من آن الإدراك ، لأنه لا عمل إلا بنية ،
__________________
(١) هكذا في المخطوطة المبيضة ولكن في المسودة « ولا العدول إلا إلى ما دل عليه الدليل » وهو الصواب.