ولا يخفى عليك التدافع بين الكلامين كما اعترف به غير واحد ، نعم عن المبسوط والمهذب والوسيلة الصحة والتخيير بين الحج والعمرة في أشهر الحج ، والانصراف إلى عمرة مفردة في غيرها ، بل مال جماعة من متأخري المتأخرين إلى عدم اعتبار التعيين ، بل في كشف اللثام هو الأقوى ، لأن النسكين في الحقيقة غايتان للإحرام غير داخلين في حقيقته ، ولا تختلف حقيقة الإحرام نوعا ولا صنفا باختلاف غاياته كالوضوء والغسل ، فالأصل عدم وجوب التعيين بعد حمل أخباره على الغالب أو الفضل ، وكذا أخبار (١) العدول والاشتراط ، ولأن الإحرام بالحج يخالف غيره من إحرام سائر العبادات ، لأنه لا يخرج منه بالفساد ، وإذا عقد عن غيره أو تطوعا وقع عن فرضه ، فجاز أن ينعقد مطلقا ، ولما يأتي (٢) من أن أمير المؤمنين عليهالسلام أهل إهلالا كإهلال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يكن يعرف إهلاله ، ول ما روته العامة (٣) من انه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج من المدينة لا يسمي حجا ولا عمرة ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء بين الصفا والمروة ».
إلا ان الجميع كما ترى ، ضرورة إمكان منع كون النسكين غايتين للإحرام بل هو جزء من كل منهما كما هو ظاهر النصوص والفتاوى أو صريحهما ، وإن كان المتجه بناء على ذلك الاكتفاء بنية كل منهما عن نيته كما في غيره من اجزاء العبادات إلا أنه يمكن القول باعتبارها لظاهر النص والفتوى ، ولا ينافي ذلك جزئيته كالطواف وركعتيه والسعي والوقوفين وغيرها ، وربما قيل إن المراد من نية
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب أقسام الحج والباب ٢٣ من أبواب الإحرام.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث ٣.
(٣) سنن البيهقي ج ٥ ص ٦.