« مر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على كعب بن عجرة الأنصاري وهو محرم وقد أكل القمل رأسه وحاجبيه وعينيه فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما كنت أرى أن الأمر يبلغ ما أرى فأمره فنسك عنه نسكا ، وحلق رأسه يقول الله تعالى ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ ) الآية فالصيام ثلاثة أيام ؛ والصدقة على ستة مساكين ، لكل مسكين صاع من تمر ، والنسك شاة لا يطعم منها أحدا إلا المساكين » وخبر عمر بن يزيد (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال الله تعالى في كتابه ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ ) الآية ، فمن عرض له أذى أو وجع فتعاطى بما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا فالصيام ثلاثة أيام ، والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام ، والنسك شاة يذبحها فيأكل ويطعم ، وانما عليه واحد من ذلك » الى غير ذلك من النصوص.
لكن في المنتهى لو كان له عذر من مرض أو وقع في رأسه قمل أو غير ذلك من أنواع الأذى جاز له الحلق إجماعا للآية وللأحاديث السابقة ، ثم ينظر فان كان الضرر اللاحق به من نفس الشعر فلا فدية عليه ، كما لو نبت في عينيه أو نزل شعر حاجبيه بحيث يمنعه الإبصار ، لأن الشعر أضر به ، فكان له إزالة ضرره كالصيد إذا صال عليه ، وإن كان الأذى من غير الشعر لكن لا يتمكن من إزالة الأذى إلا بحلق الشعر كالقمل والقروح برأسه والصداع من الحر بكثرة الشعر وجبت الفدية ، لأنه قطع الشعر لازالة ضرره عنه ، فصار كما لو أكل الصيد للمخمصة ، لا يقال القمل من ضرر الشعر ، والحر سببه كثرة الشعر ، فكان الضرر منه أيضا لأنا نقول : ليس القمل من الشعر ، وانما لا يمكنه القيام إلا بالرأس ذي الشعر ، فهو محله لا سبب ، وكذلك الحر من الزمان ، لأن الشعر يوجد في البرد ولا يتأذى به ، فقد ظهر أن الأذى في هذين النوعين ليسا من الشعر.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ٢.