المتجه حمل ذلك كله على الكراهة كما يومي اليه خبر قاسم الصيقل (١) قال : « ما رأيت أحدا كان أشد تشديدا في الظل من أبي جعفر عليهالسلام كان يأمر بقلع القبة والحاجبين إذا أحرم » فإن التشديد ظاهر في الزيادة على الواجب ، وهذا وإن كان من الراوي إلا أنه ظاهر في معلومية الحكم عندهم سابقا ، وهو شاهد على صحة الإجماع المزبور الذي يقيد به المطلقات المذكورة ، وأخبار التكفير انما جاءت لبيان ثبوت الكفارة في المحرم من التظليل للمختار إذا اقتضته الضرورة ، وهو ما فوق الرأس.
بل قد يشهد لما ذكرناه ما في خبر سعيد الأعرج (٢) سأل الصادق عليهالسلام « عن المحرم يستتر من الشمس بعود وبيده قال : لا إلا من علة » لما عرفت من جواز الاستتار باليد الذي فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على وجه يقصر عن معارضته ، فلا بد من حمله على ضرب من الكراهة ، ولكن مع ذلك كله الاحتياط لا ينبغي تركه ، وفي الدروس « فرع هل التحريم في الظل لفوات الضحى أو لمكان الستر؟ فيه نظر ، لقوله عليهالسلام : « اضح لمن أحرمت له » والفائدة فيمن جلس في المحمل بارزا للشمس ، وفيمن تظلل به وليس فيه » وفي كشف اللثام يعني يجوز الأول على الثاني دون الأول ، والثاني بالعكس ، ثم قال فيهما ، وفي الخلاف لا خلاف أن للمحرم الاستظلال بثوب ينصبه ما لم يمسه فوق رأسه ، وعن نسخة « ما لم يكن » وقضيته اعتبار المعنى الثاني ، قلت : يمكن كون التظليل محرما لنفسه وإن لم يفت معه الضحى للشمس ، اي البروز بما أحرم به لها كما إذا كانت في وجهه ، ولذا حرم حيث لا تكون شمس ، وإن أبيت ذلك فليس إلا الاحتمال الأول ، ضرورة أن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٥.