الستر لا أثر له في النصوص سوى بعض المطلقات في النهي عن الاستتار المحمولة على الستر المخصوص ، وأما الأول ـ أي الاضحاء ـ فقد عرفت تكرار الأمر به في النصوص المزبورة على وجه يظهر منه كون العلة في حرمة التظليل فوات الاضحاء المراد به كما في المنتهى البروز للشمس ، وعن النهاية الأثيرية ضحى ظله ـ اي مات ـ يقال ضحى الظل ـ اي صار شمسا ـ فإذا صار شمسا فقد بطل ، ومنه حديث الاستسقاء اللهم ضاحت بلادنا واغبرت أرضنا ـ اي برزت للشمس وظهرت ـ لعدم النبات فيها ، الى إن قال : ومنه أيضا حديث ابن عمر (١) رأي محرما قد استظل فقال : أضح لمن أحرمت ـ اي أظهر واعتزل ـ ولكن يقال : ضحيت للشمس وأضحيت أضحى ( إضحاء ظ ) إذا أبرزت لها وظهرت ، ومن هنا جزم في الحدائق بكونه العلة في التحريم ، بل شدد الإنكار على احتمال كون العلة في التحريم الستر ، وفرع عليه حرمة التظليل وإن لم يكن فوق الرأس ، ولكن فيه أن الأمر بالأضحاء قد جاء في صحيح حفص وهشام (٢) عن الصادق عليهالسلام على نحو التعليل للمكروه ، قال : « يكره للمحرم أن يجوز بثوبه انفه من أسفل ، وقال عليهالسلام : اضح لمن أحرمت له » فلا يبعد القول بالكراهة فيما نافى الاضحاء من التستر بما لا يكون فوق الرأس ، والحرمة بما كان فوقه ، هذا.
وفي المسالك يتحقق التظليل بكون ما يوجب الظل فوق رأسه كالمحمل ، فلا يقدح فيه المشي في ظل المحمل ونحوه عند ميل الشمس إلى احد جانبيه وإن كان قد يطلق عليه التظليل لغة ، وانما يحرم حالة الركوب ، فلو مشى تحت الظل
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٥ ص ٧٠.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.