رجحان القول الأول من الأقوال ، إذ ضعف دليله منجبر بالشهرة المحكية في الحدائق ان لم تكن محصلة ، ولا معارض له إلا الإطلاق المنزل عليه ، وقوله فيه : « إن شاء » ظاهر في إرادة التخيير له بين التمتع وغيره ، لعدم كونه حج الإسلام ، ولا ينافي الاستدلال به عليه ضرورة اقتضاء شرطيته بالنسبة إلى المندوب اشتراطه في الواجب بطريق أولى ، أو كون ذلك كيفية مخصوصة لأصل المشروعية التي لا تفاوت فيها بين الواجب والمندوب ، (١) ونصوص الناسي والجاهل بل والعامد ظاهرة في ان السبب في ذلك مراعاة تكليفه الأصلي على وجه يقتضي عدم الفرق بين الفرض وغيره ، ومع الإغضاء عن ذلك كله فلا شبهة في اندراجه في أدلة حكم أهل أرضه ، إذ لم يخرج بالمجاورة عنهم عرفا قطعا مع عدم نية الاستيطان ومقتضاه الإحرام من مهلهم ، أو يكون مارا على غيره قاصدا إلى مكة ، لا إذا كان قصده الخروج منها إلى الإحرام منه ، فإنه حينئذ لا يندرج في تلك الأدلة الآمرة بالإحرام لأهل قطر إذا مر على ميقات غيره قاصدا إلى مكة وانه لا يتجاوزه غير محرم.
ومن ذلك حينئذ يظهر وجه الشرطية في الإحرام من مهل أرضه على وجه لا يجزيه الإحرام من غيره مع فرض كونه في حال لا يصدق عليه انه مر عليه قاصدا الدخول إلى مكة ، كما ان منه يظهر النظر فيما في الحدائق والرياض من الحكم بجواز ذلك له مطلقا ، بل لعل منه يظهر ان إطلاق المصنف وغيره منزل على القول المزبور لحكمهم بالبقاء على فرضه الأول الذي هو ما عرفت ، لا ان المراد به الإحرام من أي ميقات وإن لم يكن على الوجه المزبور ، فيختص القول الثاني حينئذ بالمصرح به توهما له من هذه الإطلاقات ، واما القول الثالث فلم نتحققه لأحد وإن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب المواقيت.