الاستحبابي بالأذان عمّن سمعه فإنّ الساقط هنا ـ ظاهرا ـ مرتبة التأكيد ، ولذلك كان السقوط بمعنى الرخصة.
وبهذا تكون الرخصة والعزيمة من خصوصيّات الحكم التكليفي ، بمعنى انّها تحدّد الحالة التي يكون عليها الحكم التكليفي بعد سقوط الأمر بتمام مراتبه أو ببعضها.
المعنى الثالث : انّ المراد من العزيمة هو كلّ ما شرّعه الله تعالى وقنّنه لعباده بنحو لا يكون لأحد من عباده الخروج عن مقتضاه وترتيب غير آثاره.
ومن هنا تكون العزيمة شاملة للأحكام التكليفيّة والوضعيّة معا ، فكما انّ الوجوب والحرمة ممّا شرعه الله تعالى فكذلك الزوجيّة والملكيّة والطهارة والنجاسة ، فإنّه ليس للمكلّف الخروج عن مقتضى هذه الأحكام وترتيب غير آثارها ، وهكذا الكلام في حقّ الحضانة للام واستحقاق الذكر لمثل حظ الأنثيين والولاية على البكر ، كلّ ذلك يعبّر عنه بالعزيمة بقطع النظر عمّا هو سنخ ذلك الحكم وهل هو من سنخ الاحكام التكليفيّة أو الأحكام الوضعيّة.
وأمّا الرخصة فهي عبارة الاعتبارات والأحكام الشرعيّة التي يكون المكلّف معها في سعة من جهة عدم ترتيب آثارها ، من غير فرق بين أن تكون هذه الاعتبارات من سنخ الأحكام الوضعيّة أو من سنخ الاحكام التكليفيّة.
أمّا مثال الأحكام التكليفيّة فواضح ، وأمّا الأحكام الوضعيّة فيمكن التمثيل له بإجازة المالك في العقد الفضولي بناء على الكشف ، فإنّ العقد بناء عليه قد تمّ من حينه وترتب على ذلك النقل والانتقال إلاّ انّ للمالك عدم ترتيب آثار العقد ، كما يمكن التمثيل له بتزويج الولي للبكر ، فإنّ الزوجيّة تتحقّق بذلك إلاّ انّ البنت ليست ملزمة بترتيب آثار العقد والزوجيّة ، إذ انّ لها إلغاء العقد.
ولعلّ هذا المعنى هو الذي حدا