من في الدار » فإنّ خارجيّة هذه القضيّة منوط بالتحقّق من كلّ من في الدار ثمّ جعل الحكم بالوجوب ، كما انّ اتّحادهم في الحكم لا يعبّر عن وحدة المناط ، كما لا يثبت الحكم لمن دخل في الدار بعد ذلك ، إذ انّ هذا الحكم منحل روحا على الأفراد المحقّقة الوجود حين صدور الخطاب فلا يشمل غيرهم.
وأمّا المراد من القضيّة الحقيقيّة فهو القضيّة التي يكون الحكم فيها مجعولا على موضوعها المقدّر الوجود.
وبتعبير آخر : القضيّة الحقيقيّة هي القضيّة التي يكون فيها الحكم واقعا على الطبيعة باعتبارها مرآة لافرادها على أن يكون جعل الحكم على الطبيعة بغرض التعبير عن انّ الطبيعة هي مناط الحكم في القضيّة ، وهذا ما يقتضي انّ الحكم ليس مجعولا على الأفراد ابتداء كما في القضيّة الخارجيّة بل هو مجعول على الطبيعة ابتداء ولكن من حيث انّها مرآة لأفرادها ، وهو ما يصحّح اتّحاد أفراد الطبيعة في المناط الموجب لثبوت الحكم لها ، إذ انّ افتراض جعل الحكم على الطبيعة باعتبارها مرآة لافرادها المقدّرة الوجود معناه اتّحاد أفراد الطبيعة في المناط الموجب لجعل الحكم عليها.
ومن هنا صحّ وقوع القضايا الحقيقيّة كبرى في القياس المنطقي لغرض التعرّف على حال مجهول تصديقي ، فيقال مثلا : زيد مستطيع ، والحجّ واجب على كلّ مستطيع ، فالنتيجة هي انّ الحجّ واجب على زيد ، فالقضيّة الحقيقيّة وهي وجوب الحجّ على كلّ مستطيع انتجت بواسطة وقوعها كبرى في القياس انتجت وجوب الحجّ على زيد.
وبما ذكرناه يتّضح عدم اعتبار وجود أفراد خارجيّة للقضيّة الحقيقيّة حين تأليفها بل يمكن أن لا يتّفق تحقّق أفراد خارجيّة لها أبدا ، وذلك لأنّ موضوع القضيّة الحقيقيّة انّما هو الطبيعة المقدّرة الوجود ، نعم تحقّق الفعليّة للقضيّة الحقيقيّة منوط بتحقّق الطبيعة في ضمن فرد خارجي ، وذلك