نسبة لكان معنى ذلك هو حذف المقوّم الذاتي لكلّ نسبة ، وعندئذ يستحيل تحصيل جامع ذاتي لهذه النسب.
التنبيه الثالث : انّه يتّضح ممّا تقدّم انّ النسبة بالحمل الشائع ليس لها وراء وجودها تقرّر ماهوي ، وهذا بخلاف المفهوم الاسمي فإنّ له تقرّر ماهوي بقطع النظر عن وجوده ، ومن هنا عبّر الفلاسفة عن وجود النسبة بالوجود الرابط وعن وجود المفهوم الاسمي بالوجود المحمولي.
وبيان ذلك : انّ للمفاهيم الاسميّة تقرر ماهوي قبل حمل الوجود عليها ، بمعنى انّ الذهن عند ما ينتزع مفهوم الطير فإنّه يمكن أن يحلل هذا المفهوم الى ماهيّة ووجود ويشكل بذلك قضيّة موضوعها الماهيّة وهي الطير ومحمولها الوجود ، وبهذا يكون لمفهوم الطير تقرّر ماهوي بقطع النظر عن حمل الوجود عليه ، وهذا هو معنى انّ المفاهيم الاسميّة متقرّرة ذاتا وبنحو مستقلّ عن الوجود وانّ حضورها في الذهن وتصوّرها ليس منوطا بثبوت الوجود لها ، ولهذا فنحن نتصوّر المفاهيم الاسميّة وما لها من جنس وفصل بقطع النظر عن حمل الوجود عليها.
وأمّا النسبة بالحمل الشائع فباعتبارها متقوّمة ذاتا بشخص الوجود الثابت لطرفيها فإنّ ذلك يقتضي عدم تقررها بقطع النظر عن وجودها ، فإنّ المصحّح لتقرّر الماهيات والمفاهيم الاسميّة بغضّ النظر عن وجودها هو انّ مقوّمها الذاتي والذي هو فصلها وجنسها ليس هو الوجود فافتراض عدم وجودها لا يساوق انتفاء مقوّمها الذاتي ، ولهذا تكون الماهيّة متعقّلة ومدركة رغم عدم ثبوت الوجود لها.
وأمّا النسبة فليست كذلك لأنّ مقوّمها الذاتي لا ينحفظ إلاّ في اطار شخص الوجود لطرفيها ، ولهذا لا نسبة مع عدم ثبوت الوجود لشخص طرفيها ، فما لم يكن ثمّة وجود شخصي للطير والشجرة في الذهن فإنّ ذلك معناه عدم وجود نسبة رابطة بين