الحديث والورع والاجتهاد واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع معه وإياك أن تطمح نفسك إلى من فوقك وكفى بما قال الله عز وجل لرسوله صلىاللهعليهوآله : « فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ » (١) وقال الله عز وجل لرسوله : « وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا » (٢) فإن خفت شيئا من ذلك فاذكر عيش رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف إذا وجده وإذا أصبت
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « والورع » الكف عن المحرمات أو عن الشبهات أيضا ، « والاجتهاد » السعي وبذل الجهد في الطاعة.
قوله عليهالسلام : « وأن تطمح نفسك » أي ترفعها إلى حال من هو فوقك ، وتتمنى حاله.
قال الفيروزآبادي : طمح بصره إليه كمنع ارتفع ، وكل مرتفع طامح ، واطمح بصره رفعه (٣) قوله تعالى : « فَلا تُعْجِبْكَ » أي لا تأخذ بقلبك ما تراه من كثرة أموال هؤلاء المنافقين وكثرة أولادهم ، ولا تنظر إليهم بعين الإعجاب ، قوله تعالى « وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ » أي نظر عينيك « إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ » استحسانا له وتمنيا أن يكون لك مثله « أَزْواجاً مِنْهُمْ » أصنافا من الكفرة ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير والمفعول منهم أي إلى الذي متعنا به ، وهو أصناف بعضهم أو ناسا منهم « زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا » منصوب بمحذوف دل عليه ـ متعنا ـ أو ـ به ـ أو على تضمينه معنى أعطينا أو بالبدل من محل به أو من أزواجا بتقدير مضاف ، ودونه أو بالذم وهي الزينة والبهجة. كذا ذكره البيضاوي (٤) وتتمة الآية « لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ » أي لنبلوهم ونختبرهم فيه ، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه « وَرِزْقُ رَبِّكَ » وما ادخره لك في الآخرة ، أو ما رزقك من الهدى والنبوة « خَيْرٌ » مما منحهم في الدنيا « وَأَبْقى » فإنه لا ينقطع.
قوله : « شيئا من ذلك » أي من عز الدنيا وفخرها وطلب زوائدها.
__________________
(١) سورة التوبة : ٥٥.
(٢) سورة طه : ١٣١.
(٣) القاموس : ج ١ ص ٢٤٧.
(٤) أنوار التنزيل : ج ٢ ص ٦٥.