مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ » (١) وفي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر
٣٩٩ ـ عنه ، عن هشام بن سالم ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال دخلت المسجد الحرام فرأيت مولى لأبي عبد الله عليهالسلام فملت إليه لأسأله عن أبي عبد الله عليهالسلام فإذا أنا بأبي عبد الله عليهالسلام ساجدا فانتظرته طويلا فطال سجوده علي فقمت وصليت ركعات وانصرفت وهو بعد ساجد فسألت مولاه متى سجد فقال من قبل أن تأتينا فلما سمع كلامي رفع رأسه ثم قال أبا محمد ادن مني فدنوت منه فسلمت عليه فسمع صوتا خلفه فقال ما هذه الأصوات المرتفعة فقلت هؤلاء قوم من المرجئة والقدرية والمعتزلة فقال إن القوم يريدوني فقم بنا فقمت معه فلما أن رأوه نهضوا نحوه فقال لهم كفوا أنفسكم عني ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان فإني لست بمفت لكم ثم أخذ بيدي وتركهم ومضى فلما خرج من المسجد قال لي يا أبا محمد والله لو أن إبليس سجد لله عز ذكره بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله عز ذكره ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عز وجل أن يسجد له وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد نبيها صلىاللهعليهوآله وبعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيهم ص لهم فلن يقبل الله تبارك وتعالى لهم عملا ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله عز وجل من حيث أمرهم ويتولوا الإمام الذي أمروا بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله عز وجل ورسوله لهم يا أبا محمد إن الله افترض على أمة محمد صلىاللهعليهوآله خمس فرائض الصلاة والزكاة والصيام والحج
______________________________________________________
بأنه إذا جاز وقوع ذلك بعد كثير من الأنبياء ، فلم لم يجز وقوعه بعد نبينا صلىاللهعليهوآله فيكون سندا لمنع المقدمة التي أوردها بقوله : « وما كان الله ليفتن » والثاني أظهر الوجوه كما لا يخفى.
الحديث التاسع والتسعون والثلاثمائة : صحيح.
قوله عليهالسلام : « ولا تعرضوني للسلطان » أي لا تجعلوني عرضة لإيذاء الخليفة
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٣.