لهم هذا محمد بن علي جالس فقام إليه داود بن علي وسليمان بن خالد وقعد أبو الدوانيق مكانه حتى سلموا على أبي جعفر عليهالسلام فقال لهم أبو جعفر عليهالسلام ما منع جباركم من أن يأتيني فعذروه عنده فقال عند ذلك أبو جعفر محمد بن علي عليهالسلام أما والله لا تذهب الليالي والأيام حتى يملك ما بين قطريها ثم ليطأن الرجال عقبه ثم لتذلن له رقاب الرجال ثم ليملكن ملكا شديدا فقال له داود بن علي وإن ملكنا قبل ملككم قال نعم يا داود إن ملككم قبل ملكنا وسلطانكم قبل سلطاننا فقال له داود أصلحك الله فهل له من مدة فقال نعم يا داود والله لا يملك بنو أمية يوما إلا ملكتم مثليه ولا سنة إلا ملكتم مثليها وليتلقفها الصبيان منكم كما تلقف الصبيان الكرة ـ فقام داود بن علي من عند أبي جعفر عليهالسلام فرحا يريد أن يخبر أبا الدوانيق بذلك فلما نهضا جميعا هو وسليمان بن خالد ناداه أبو جعفر عليهالسلام من خلفه يا سليمان بن خالد
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « فغدروه عنده » بالتخفيف أي أظهر وأغدره ، أو بالتشديد أي ذكروا في الغدر أشياء لا حقيقة لها ، فإن المغدر بالتشديد هو المظهر للغدر اعتلالا من غير حقيقة له في الغدر ، كما ذكره الجوهري (١) « ما بين قطريها » أي الأرض المعلومة بقرينة المقام.
قوله عليهالسلام : « إلا ملكتم مثليه » لعل المراد أصل الكثرة والزيادة لا الضعف الحقيقي كما يقال : في كرتين ولبيك ، إذ كان ملكهم أضعاف ملك بني أمية ، وفي هذا الإبهام حكم كثيرة ، منها عدم طغيانهم ومنها عدم يأس أهل الحق.
قوله عليهالسلام : « وليتلقفها » قال الجوهري : لقفت الشيء بالكسر ألقفه لقفا وتلقفته أيضا أي تناولته بسرعة ، أي يسهل لهم تناول الخلافة بحيث يتيسر لصبيانهم من غير منازع (٢).
__________________
(١) الصحاح ج ٢ ص ٧٣٩.
(٢) نفس المصدر ج ٤ ص ١٤٢٧.