الرسل الأولون أما بعد.
أيها الناس فلا يقولن رجال قد كانت الدنيا غمرتهم فاتخذوا العقار وفجروا الأنهار وركبوا أفره الدواب ولبسوا ألين الثياب فصار ذلك عليهم عارا وشنارا ـ إن لم يغفر لهم الغفار إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون وصيرتهم إلى ما يستوجبون فيفقدون ذلك فيسألون ويقولون ظلمنا ابن أبي طالب وحرمنا ومنعنا حقوقنا فالله عليهم المستعان من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا وآمن بنبينا وشهد شهادتنا ودخل في ديننا أجرينا عليه حكم القرآن وحدود الإسلام ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى ألا
______________________________________________________
بالحق وافصل بالأمر ، أو اقصد بما تؤمر ، أو أفرق به بين الحق والباطل (١).
قوله عليهالسلام : « فلا تقولن رجال » الظاهر أن قوله ـ رجال ـ فاعل لا ـ تقولن ـ وما ذكر بعده ، إلى قوله ـ ويقولون صفات تلك الرجال وقوله ـ ظلمنا ابن أبي طالب مقول القول ، وقوله ـ يقولون ـ تأكيد للقول المذكور في أول الكلام إنما أتى به لكثرة الفاصلة بين العامل والمعمول.
ويحتمل أن يكون مقول القول محذوفا ، يدل عليه. قوله : « ظلمنا ابن أبي طالب ».
وقال الفاضل الأسترآبادي : مفعوله محذوف تقدير الكلام فلا تقولن ما قلتم من طلب التفضيل وغيره ، رجال كانت الدنيا غمرتهم في زمن الخلفاء الثلاثة ، إذا منعتهم ما كانوا يأخذون وأعطيتهم ما يستوجبون ، فيصرفون ما أعطيتهم ويسألون الزيادة عليه ، ويقولون ظلمنا ابن أبي طالب انتهى.
أقول : لا يخفى أن ما ذكرناه أظهر وفي بعض النسخ [ رجالا ] ـ بالنصب ـ ولعل فيه حينئذ حذفا أي لا تقولن أنتم نعتقد أو نتولى رجالا صفتهم كذا كذا.
قوله : عليهالسلام « أفره الدواب » يقال : دابة فارهة أي نشيطة قوية نفيسة ، والشنار : العيب والعار.
__________________
(١) القاموس : ج ٣ ص ٥٠.