ينتقل من دين ملك إلى دين ملك ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك ومن عهود ملك إلى عهود ملك فاستدرجهم الله تعالى « مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ » وإن كيده متين بالأمل والرجاء حتى توالدوا في المعصية ودانوا بالجور والكتاب لم يضرب عن شيء منه صفحا ضلالا تائهين قد دانوا بغير دين الله عز وجل وأدانوا لغير الله.
مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة خربة من الهدى قد بدل فيها من الهدى فقراؤها وعمارها أخائب خلق الله وخليقته من عندهم جرت الضلالة وإليهم تعود فحضور مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم إلا من مشى إليها وهو عارف بضلالهم فصارت مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو خربة من الهدى
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « بالأمل والرجاء » متعلق بقوله فاستدرجهم ، أي استدرجهم بأن أعطاهم ما يأملون ويرجون ، إذ وكلهم إلى أملهم ورجائهم ، ولم يعذبهم ولم يبتلهم لينصرفوا عنهما ، ويحتمل أن يكون حالا عن ضمير المفعول أو خبرا لمبتدء محذوف أي هم مشغولون بهما.
قوله عليهالسلام : « والكتاب لم يضرب عن شيء منه » أي من الجور والواو للحال أي لم يعرض الكتاب عن بيان شيء من الجور ، وقوله « صفحا » مفعول مطلق من غير اللفظ أو مفعول له أو حال يقال صفحت عن الأمر أي أعرضت منه وتركته ، ويمكن أن يقرأ يضرب على بناء المجرد أي لم يدفع البيان عن شيء منه كما قال تعالى : « أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً » (١) وأن يقرأ على بناء الأفعال قال الجوهري أضرب عنه أعرض.
قوله عليهالسلام : « ودانوا لغير الله » أي أمروا بطاعة غيره تعالى ، ولم يرد هذا البناء فيما عندنا من كتب اللغة ، وفي النسخة القديمة [ وكانوا لغير الله ].
قوله « على ذلك » أي على تلك العقائد الباطلة ، والأعمال القبيحة من عدم قسمة الفيء وعدم الوفاء بالذمة وغيرها
__________________
(١) سورة الزخرف : ٥.