وفي معناه صحيح أبي اسامة (١) الشحّام ، وقد مرّ في البحث عمّا ينزح لموت الكلب ، فإنّه قال فيه : « وإن تغيّر الماء فخذ منه حتّى تذهب الريح » (٢).
لكن لمّا كان الدليل الدالّ على وجوب نزح المقدّر مع عدم التغيّر دالّا على وجوب نزحه مع التغيّر بطريق أولى لتحقّق المعنى المقتضي أعني ملاقاة النجاسة مع زيادة وصف التغيّر الذي هو علّة اخرى ، لا جرم توقّف الحكم بالطهارة على استيفائه ، فإن حصل معه زوال التغيّر فذاك ، وإلّا فلا بدّ من إزالته إذ لا تعقل الطهارة بدونه.
والحاصل أنّ عود الطهارة حينئذ موقوف على زوال التغيّر وبلوغ المقدّر كما هو مقتضى الدليلين ، فإن اتّفق تقارنهما فلا إشكال ، وإن سبق أحدهما فلا بدّ من بلوغ الآخر. هذا إذا كان هناك تقدير يجب العمل به ، فأمّا مع انتفاء التقدير فلا مخصّص لعموم الخبر الصحيح الدالّ على الاكتفاء بزوال التغيّر مطلقا. ولا يلزم من تخصيصه في صور معيّنة بالدليل الخاصّ ـ أعني دليل المقدّر حيث اقتضى وجوب نزح الزائد إذا كان زوال التغيّر هو السابق ـ أن يخصّ في غير تلك الصور ، ولا دليل.
لا يقال : هذا يقتضي اختصاص الخبر بما لا مقدّر له إذ لم يعمل بظاهره إلّا فيه ، ولا ريب أنّ أكثر النجاسات لها مقدّر ، ومن المستبعد أن يكون الحديث واردا في حكم الأقلّ مع ما في ألفاظه من العموم والشمول.
لأنّا نقول : لمّا كان الغالب تأخّر زوال التغيّر عن استيفاء المقدّر ، وعكسه إنّما ذكر بطريق الاحتمال ـ فإن اتّفق وقوعه فبقلّة ـ لم يكن التخصيص بإخراج
__________________
(١) في « ج » : ابن اسامة الشحّام.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٣٧ ، الحديث ٦٨٤.