كلّ ما له مقدّر ليلزم قصر العموم على غير المنصوص فيحصل الاستبعاد ، بل إنّما يقع التخصيص بإخراج ما يتأخّر مقدّره عن زوال التغيّر. ولا ريب أنّه أقلّ قليل ـ بالنسبة إلى المجموع من غير المنصوص ، وما يتوقّف زوال تغيّره على الزيادة عن المقدّر أو يساويه ـ والتخصيص بمثل ذلك ممّا لا إشكال فيه.
إذا عرفت هذا فاعلم :
أنّ حجّتنا ـ معشر الذاهبين إلى عدم انفعال البئر بالملاقاة على الاكتفاء بمزيل التغيّر مطلقا ـ هذا الحديث أعني صحيح ابن بزيع (١) ، مضافا إلى ما سيأتي بيانه في حكم الجاري ؛ لأنّه عندنا من جملة أفراده.
حجّة الموجبين لنزح الجميع مطلقا :
صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : « لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة ممّا وقع في البئر إلّا أن ينتن ، فإن نتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر » (٢).
ورواية عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « وسئل عن بئر وقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير؟ قال : تنزف كلّها » (٣). يعني إذا تغيّر ؛ إذ مع عدم التغيّر يكفي ما دون ذلك ، كما دلّت عليه الأخبار الكثيرة.
وأنّه ماء محكوم بنجاسته فيجب إخراجه أجمع.
حجّة القول الأوّل ( في اعتبار التراوح عند تعذّر نزح الجميع ) : أنّه قائم مقامه في كلّ محلّ يجب فيه نزح الجميع.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٣٤ ، الحديث ٦٧٦.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٣٢ ، الحديث ٦٧٠. وفيه : فإن أنتن ..
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٢ ، الحديث ٦٩٩ ، مع اختلاف يسير.