وقد اعترض على الوجه الأوّل من حجّة الأوّلين بمنع كلّية المقدمة المطويّة فيه التي هي كبراه أعني قولهم : « كلّ ماء قليل لاقى نجاسة ينجس » فإنّ ادّعاءها مصادرة ؛ إذ هو عين المتنازع.
وأجاب شيخنا المعاصر بأنّ الدليل على كلّيتها هو مفهوم الشرط في خبر « إذا كان الماء قدر كرّ » الحديث. وتعجّب ممّن يحتجّ بهذا المفهوم على انفعال القليل بالملاقاة كيف يمنع الكلّيّة هنا؟!
ثمّ إنّه اعترض على نفسه بأنّ العموم ليس بظاهر في المفهوم.
وأجاب بأنّه لو لا العموم لم يكن على نجاسة القليل بالملاقاة دليل ، ولكان استدلالهم به في غير هذه المسألة منتقضا.
وهذا الكلام ضعيف جدّا ؛ لأنّ المفهوم ليس بعامّ قطعا ؛ إذ الحكم المعلّق على الشرط في المنطوق هو نفي الانفعال بشيء من النجاسات بطريق العموم ـ على ما هو شأن النكرة الواقعة في سياق النفي.
والشرط إنّما يقتضي نفي ما حكم به في المنطوق عن غير محلّ النطق. وذلك يصدق في موضع النزاع بإثبات الانفعال للناقص عن الكرّ في الجملة فلا عموم.
وما ذكره من انتفاء دلالته حينئذ على انفعال القليل مطلقا مسلّم وقد أشرنا إليه في أوّل الباب ، وبيّنا أنّ تتميم الاحتجاج به يحتاج إلى ضميمة الإجماع على عدم الفصل إليه ؛ لأنّه يدلّ على ثبوت الانفعال في الجملة.
وقد اتّضح بما ذكرناه فساد الاحتجاج على النجاسة هنا بكونه ماء قليلا لاقى نجاسة ؛ فإنّ عموم انفعال القليل بملاقاة النجاسة إنّما حصل بضميمة الإجماع على عدم الفصل ، وهو لا يتأتّى في محلّ النزاع ونحوه كما هو واضح.
واعترض على الوجه الثاني من حجّة الأوّلين أيضا ـ أعني رواية عبد الله