وبيّنا أنّ الحقّ عدم حجيّته.
وأمّا ثانيا : فلأنّ سند الرواية مشتمل على جماعة من الفطحيّة وقد مرّ بيان ضعف القول بقبول رواية أمثالهم.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المحقّق رحمهالله بعد ردّه لاحتجاج الشيخ بهذه الرواية هنا وطعنه فيها بضعف السند احتجّ لطهارة سؤر الطيور برواية عمّار السابقة المتضمّنة للسؤال عمّا يشرب منه الباز أو الصقر والعقاب. ثمّ اعترض بأنّ عمّار فطحيّ ، فلا يعمل بروايته. وأجاب بأنّ الوجه الذي لأجله عمل برواية الثقة قبول الأصحاب أو انضمام القرينة لأنّه لو لا ذلك لمنع العقل من العمل بخبر الثقة ، إذ لا قطع بقوله. وهذا المعنى موجود هنا ؛ فإنّ الأصحاب عملوا بمثل هذه الرواية ، كما عملوا هناك. قال : ولو قيل : فقد ردّوا رواية مثله في بعض المواضع؟ قلنا : كما ردّوا رواية الثقة في بعض المواضع متعلّلين بأنّه خبر واحد ، ثمّ قال : على أنّا لم نر من فقهائنا من ردّ هذه الرواية ، بل عمل المعتبر منهم بمضمونها (١).
وهذا الكلام مخالف بظاهره ما حكيناه عنه في بحث الأخبار من مقدّمة الكتاب حيث قال : « إنّ الشيخ ادّعى عمل الطائفة بخبر الفطحيّة ومن ضارعهم ، وأنّه لم يعلم إلى الآن أنّ الطائفة عملت بأخبار هؤلاء » (٢).
ولعلّه يريد هنا بقبول الأصحاب للرواية وعملهم بها مجرّد موافقة فتواهم لها ، لا كونها مستندة إليها. لكنّا قد حكينا عنه في تتمّة مسائل البئر كلاما
__________________
(١) المعتبر ١ : ٩٤.
(٢) المعتبر ١ : ٣٠.