ونصّ بعض الأصحاب على اشتراط القبول في العدلين بتبيين السبب المقتضي للنجاسة لوقوع الخلاف فيه إلّا أن يعلم الوفاق فيكتفى بالإطلاق. وهذا الاشتراط حسن ووجهه ظاهر.
وقيّد جماعة الحكم بقبول إخبار الواحد بنجاسة مائه بما إذا وقع الإخبار قبل الاستعمال ، فلو كان بعده لم يقبل بالنظر إلى نجاسة المستعمل له ؛ فإنّ ذلك في الحقيقة إخبار بنجاسة العين (١) فلا يكفي فيه الواحد وإن كان عدلا. ولأنّ الماء يخرج بالاستعمال عن ملكه إذ هو في معنى الإتلاف أو نفسه. وبهذا التقييد صرّح في التذكرة أيضا (٢).
ويحكى عن أبي الصلاح الاحتجاج لما ذهب إليه بأنّ الشرعيّات كلّها ظنّيّة وأنّ العمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل (٣). وعن ابن البرّاج أنّه احتجّ على عدم القبول حيث يشهد العدلان : بأنّ الطهارة معلومة بالأصل ، وشهادة الشاهدين لا تفيد إلّا الظنّ فلا يترك لأجله المعلوم (٤).
واجيب عن احتجاج أبي الصلاح بالمنع من العمل بمطلق الظنّ شرعا. وثبوته في مواضع مخصوصة لدليل خاصّ لا يقتضي التعدية إلّا بالقياس.
وعن حجّة ابن البرّاج بأنّ شهادة العدلين في معنى العلم شرعا للتقريب المذكور آنفا (٥). وبأنّ معلوميّة الطهارة بالأصل إن أراد بها تيقّن عدم عروض
__________________
(١) في « أ » و « ج » : إخبار بنجاسة الغير.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٤٤.
(٣) جامع المقاصد ١ : ١٥٣.
(٤) المهذب ١ : ٣٠.
(٥) في « أ » و « ب » : المذكور أيضا.