وقد ذكر العلّامة عن الشيخ نحو هذا الكلام في المنتهى والتحرير (١).
وفيه نظر بيّن ، لأنّ كلام الشيخ ظاهر في أنّ صورة عدم إمكان الجمع باقية على الحكم الذي ذكره أوّلا أعني عدم وجوب القبول وبقاء الماء على مقتضى الأصل حيث عمّم الحكم في الصورتين أوّلا ثمّ أخرج إحداهما وهي صورة إمكان الجمع. واحتمل فيها ما ذكره ، فتبقى الصورة الاخرى بحالها وذلك واضح. والعجب من غفلة العلّامة عنه.
ثمّ إنّه حكى عن ابن إدريس التفصيل بإمكان الجمع بينهما وعدمه وأنّه حكم بنجاسة الإنائين في الأوّل واضطرب في الثاني ، فتارة : أدخله تحت عموم وجوب القرعة في كلّ مشكل. وتارة : أخرجه عنه. واستبعد استعمال القرعة في الأواني والثياب ، ولا أولويّة للعمل بإحدى الشهادتين دون الاخرى فيطرح الجميع ؛ لأنّه ماء طاهر في الأصل ، وحصل الشكّ في النجاسة فيبقى على اليقين. قال :
ثمّ أفتى بعد ذلك كلّه بنجاسة الإنائين وقبول الشهود الأربعة ؛ لأنّ ظاهر الشرع يقتضي صحّة شهادتهم ؛ لأنّ كلّ شاهدين قد شهدا بإثبات ما نفاه الشاهدان الآخران. قال : « وعليه انقطع نظره » (٢).
احتجّ الذاهبون إلى إلحاقه بما لو اشتبه الطاهر بالنجس بأنّ الاتّفاق حاصل من البيّنتين على نجاسة أحد الإنائين ، والتعارض إنّما هو في التعيين فيحكم بما لا تعارض فيه ، ويتوقّف في موضع التعارض.
واحتجّ الشيخ في الخلاف : بأنّ الماء على أصل الطهارة ، وليس على
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٥٥. وتحرير الأحكام ١ : ٦ ، الطبعة الحجريّة.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١ ، وراجع السرائر ١ : ٨٦ ـ ٨٨.