وجوب القبول من الفريقين ولا من واحد منهما دليل ، فوجب طرحهما وبقي الماء على حكم الأصل (١).
واحتجّ العلّامة في المختلف : بأنّه مع إمكان الجمع يحصل المقتضي لنجاسة الإنائين فيثبت الحكم. ومع امتناع الجمع يكون كلّ واحدة من الشهادتين منافية للأخرى. ويعلم قطعا كذب إحداهما. وليس تكذيب واحدة منهما بعينها أولى من تكذيب الاخرى فيجب طرح الجميع والرجوع إلى الأصل وهو الطهارة (٢).
وأنت إذا تأمّلت هذه الحجج الثلاث وجدت التحقيق في الاولى. ولا يذهب عليك أن سوقها صريح في الاختصاص بصورة عدم إمكان الجمع كما هو الحقّ ؛ فإنّ وجوب العمل بالبيّنتين في صورة الإمكان واضح جليّ ، وسنبيّنه أيضا ، ولذلك لم يتعرّض في هذه الحجّة له.
وقد ذكرنا أنّ المحقّق رحمهالله ممّن يذهب هنا إلى القول بالإلحاق بالمشتبه بالنجس ، وهو مصرّح بالحكم بنجاسة الإنائين إذا أمكن الجمع ، لكنّه لم يحتجّ على ما ذهب إليه بشيء والحجّة التي حكيناها إنّما احتجّ بها غيره.
فأمّا حجّة الشيخ فيرد عليها أنّه لا مقتضي للإطراح إلّا التعارض وهو منفيّ بالنظر إلى أحد الإنائين من غير تعيين وإنّما وقع التعارض في التعيين ، والإطراح فيه لا يقتضي الإطراح مطلقا فيبقى معنى الاشتباه موجودا. هذا بالنظر إلى صورة عدم إمكان الجمع.
وأمّا بالنظر إلى الإمكان فسيعلم من الكلام على حجّة العلّامة. وينبغي
__________________
(١) الخلاف ١ : ٢٠١ ، طبعة جماعة المدرّسين.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١.